آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

آخر المستجدات حول كوفيد-19: حوار مع الاستشاري د. حاتم محمد الهاني

جهات الإخبارية حوار: د. صلاح الهاجري - مراجعة: د. حجي إبراهيم الزويد

نضع أمامكم هذا الحوار التوعوي الذي أجراه ملتقى آراء وأصداء مع الاستشاري القدير، حاتم محمد الهاني، بإدارة د. صلاح محروس الهاجري، حول كوفيد-19 وما يرتبط به من مستجدات، وإيضاح كثير من الجوانب ذات الصلة بهذا الوباء، ومناقشة ما يثار حوله وحول اللقاحات من شائعات.

كانت إجابات د. حاتم صوتية، وقد قمت بكتابتها، لتسهيل عملية الاستفادة مما تضمه من معارف وجوانب علمية وتثقيفية.

ضم اللقاء الحديث أربعة محاور:

  • المحور الأول: إضاءات حول الفيروسات واللقاحات بشكل عام، ولقاحات كوفيد-19 بشكل خاص.
  • المحور الثاني: المتحورات
  • المحور الثالث: كوفيد-19 والأطفال
  • المحور الرابع: الإجابة عن استفسارات الحضور.

الدكتور حاتم محمد الهاني، مدير الطب الوقائي ومكافحة العدوى بالمنطقة، واستشاري الأطفال والالتهابات والأمراض المعدية،

مدير الحوار الدكتور صلاح محروس الهاجري، دكتوراة الفلسفة علم المناعة والأمراض من المملكة المتحدة.

المحور الأول: إضاءات حول الفيروسات واللقاحات بشكل عام، ولقاحات كوفيد-19 بشكل خاص.

د. صلاح الهاجري: نرحب بالدكتور حاتم، ونشكره على قبول هذه الدعوة.. للحديث حول هذه الجائحة كوفيد 19.. والإجابة عن تساؤلات الأخوة الأعضاء في هذه المجموعة الرائدة

في البداية.. نود تعريف الناس بالفيروس وهل هو كائن حي؟

د. حاتم الهاني: الفيروسات لا تتكاثر إلا داخل الخلية الحيوانية أو حتى البكتيرية.

نعم، بهذا المعنى هو حي، ولا أميل إلى اعتباره غير حي بهذا الاعتبار.

د. صلاح الهاجري: إذن الفيروس كائن حي يتكاثر داخل الخلايا الحية، وبناءً على ذلك ما هي الأمراض الفيروسية، وما الفرق بينها وبين الأمراض البكتيرية بصورة مختصرة ومبسطة، يفهمها الجميع من فضلكم؟

د. حاتم الهاني: الفيروس هو طفيل لا يرى إلا بالمجهر، ويحتوي على الحامض النووي DNA أو RNA أحادي أو ثنائي الشريط، وهو العنصر المهم في الفيروس.

الأمراض الفيروسية كثيرة وهي الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان نتيجة اكتساب الفيروس وتكاثره داخل أنسجة الكائن الحي، مثل الالتهاب الكبدي الفيروسي، التهابات الجلد بالهيربس، أو الالتهابات الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي كالإنفلونزا وغيرها الكثير.

الأمراض البكتيرية في المقابل هي نتيجة اكتساب البكتريا، والإصابة لأحد الأعضاء بها وتأثيره الضار فيها.

د. صلاح الهاجري: هناك تساؤل يدور عند الكثير من الناس هو: هناك مضادات حيوية تستعمل لعلاج الأمراض البكتيرية، فماذا عن الأمراض الفايروسية؟

د. حاتم الهاني: حول البكتيريا، توجد كثير من المضادات الحيوية التي تستهدفها، ويوجد كثير من هذه الأنواع والأصناف، التي بدأ إنتاجها من عام 1940 ولا زال مستمرا حتى الآن.

أما مضادات الفيروسات فهي محدودة وقليلة جدا بالمقارنة، ولا تغطي أكثر الفيروسات، فهي محدودة من ناحية عددها ومن ناحية الفيروسات التي تستهدفها، وهذا يعتبر من التحديات الكبيرة، وأحد أكبر المشاكل في إنتاج مضادات الفيروسات الآن.

د. صلاح الهاجري: لماذا تستعمل التطعيمات للتخلص من الأمراض الوبائية؟

د. حاتم الهاني: التطعيمات ذات شقين سلبي وإيجابي:

التمنيع السلبي هو إعطاء المضاد الذي يستهدف مواجهة الفيروس أو البكتيريا خلال فترة معينة «المضادات المناعية» نحو مضاد الحصبة «حيث يكون فاعلا خلال فترة معينة شهر أو شهرين أو ثلاثة، حسب مدة بقائه في الجسم»، ثم تنخفض نسبته في الجسم بعد ذلك، وهذا النوع من الطعوم يعطى لأغراض معينة ولحالات معينة ولفترة من الحماية محددة.

النوع الثاني هو التمنيع الإيجابي، ويكون من خلال اللقاحات، وهي لا تعطي مضادات حيوية جاهزة، بل تستحث وتستثير جهاز مناعة جسم الإنسان، وهو بعدئذ يفرز المضادات التي تواجه الفيروس.

وهذه المضادات الإيجابية ذات فعالية أقوى تظل فترة أطول، وقد تظل في بعض الحالات مدى الحياة.

د. صلاح الهاجري: أحسنتم دكتور.. وهنا تأتي أهمية التطعيمات، وهل لها أهمية أيضا في وقف أو تقليل من مستوى انتشار الأمراض؟

د. حاتم الهاني: تعد اللقاحات من أهم الإنجازات البشرية عبر تاريخ العلم، وبمراجعة المدونات والمنشورات حول الأمراض التي كانت سارية بين البشر مثلا قبل 50 سنة والآن، سيلاحظ أنه بحمد الله وبفضل اللقاحات اختفت بعض الأمراض عن وجه الأرض، فلا نرى حاليا حالات الجدري أو شلل الأطفال، كذلك الدفتيريا والتيتانوس بدأ ينخفض بشكل كبير جدا، وأمراض كثيرة لم يمكن السيطرة عليها بفضل الله سبحانه وتعالى إلا باللقاحات، وإن أي أحد يشكك في فعالية اللقاحات، فهو بحاجة إلى إعادة قراءة التاريخ الطبي والمدونات الطبية من بداية التدوين الطبي وحتى الآن، كي يطلع على هذه الأمور بشكل واقعي.

د. صلاح الهاجري: إيضاح جميل جدا دكتور حاتم

وعليه هناك من يتساءل:

- ما هي التطعيمات، وما هي فكرتها بصورة عامة؟

د. حاتم الهاني: كانت بداية اللقاحات في القرن السابع عشر، وكانت الفكرة آنذاك تتمثل في إعطاء الجزء الكامل غير الممرض من الكائن الحي، كي يستفز المناعة البشرية، وهذه المناعة المتولدة تقوم بتخزين شفرة معينة، ومعلومات تساعد الجسم في التعرف بشكل سريع وفعال على الميكروب في حال التعرض له، فيقوم جهاز المناعة بمواجهته في هذه الحالة.

ثم حدث تطور تدريجي في وسائل وتقنيات إعطاء اللقاحات، واتسعت المفاهيم المعرفية حولها، وبتطور العلم، أمكن التعرف على الجزيئات الفعالة في استشارة المناعة، وبتنا نحصد تراكما معرفيا، حيث بات بالإمكان إعطاء جزيئات دلالية «الشفرة التي تدل على الكائن الحي» إلى أن وصلنا إلى مرحلة متطورة جدا، وهي mRNA، وهذا التراكم المعرفي أدى إلى ظهور أكثر من 40 - 50 لقاح متاح وفعال بدرجات مختلفة لمختلف الأمراض، وإن علم المناعة بدأ يتطور بشكل كبير جدا، مما أدى إلى إعطاء حماية للإنسان ضد الأمراض، بفضل الله سبحانه وتعالى.

د. صلاح الهاجري: بارك الله فيكم دكتور

- ما الفرق بين التطعيمات المشهورة مثل الحصبة وشلل الأطفال وتطعيمات الكوفيد19، والإنفلونزا، ولماذا نحتاج إلى التطعيم الموسمي أو تكرار الجرعات أكثر من مرة في بعض التطعيمات؟

د. حاتم الهاني: تختلف الميكروبات من حيث احتوائها على فصائل ممرضة وأخرى غير ممرضة، فمثلا هناك 5 - 6 أنواع ثبت أنها ممرضة، وتسبب الحمى الشوكية من بين أكثر من 13 نوع تابع لفصيلة المكورات السحائية Meningococcal

عند إعطاء اللقاح يكون الهدف هو استهداف الفصائل الممرضة، وتكون هذه الفصائل غير قابلة للتطور والتغير، فيكون بناء المناعة موجها ضد كائن محدد، وهذا الكائن لا يتغير أو يتطور.

الكائن الذي يتغير أو يتطور أثناء تكاثره، تكون فاعلية المضادات المناعية ضده غير ثابتة، فقد تكون المناعة مستمرة ضد الكائن 3 سنوات أو خمس سنوات أو عشر سنوات أو عشرين سنة، أقل وأكثر حسب القدرة المناعية المتكونة من اللقاح وثبات مواصفات الميكروب.

فمثلا الجدري المائي قد تظل المضادات المناعية عشر سنوات.

لذا نحن نواجه نوعين من المشاكل في لقاح الفيروسات:

1 - هل الفيروس متحور أو لا؟

2 - إذا كان الفيروس متحورا، ما هي طبيعة هذا التحور، ومتى ينبغي علاج المتحور؟

ثبات الميكروب واستمرارية المناعيات في الجسم، يمثل توازنا، وهذا التوازن بين الميكروب وبين المناعة المترتبة على اللقاح هو الذي يحدد عدد الجرعات المعطاة، هل هي جرعة واحدة، جرعتان في السنة، أو مرة في العمر، اتباعا لهذه المعادلة.

د. صلاح الهاجري: - من أخذ الجرعة الأولى والثانية من لقاح الكوفيد 19 ولم يعاني من مشكلة يعتد بها سوى أعراض متوقعة من التطعيم، هل من الصحيح أن يقلق أو يخاف من الجرعة الثالثة؟

د. حاتم الهاني: من أخذ الجرعة الأولى والثانية ولم تحدث له أعراض، إن شاء الله لا تحدث له أعراض مع الجرعة الثالثة.

لكن ينبغي التنبيه إلى أمر مهم، وهو هل من المنطقي والعقلائي أن يقارن الشيء بنفسه، كمقارنة اللقاح باللقاح، أو مقارنته بالمرض.

الأوبئة السابقة كالطاعون كانت تحصد الأرواح، تستأصل من تستأصل، وتستبقي من تستبقي، وبعد حصول المناعة في الفئات المحظوظة الناجية؛ عند مقارنة مثل هذه الحالات باللقاح، لا شك أن اللقاح هو الأفضل والأنجع.

لقاح كورونا هو النقطة الفاصلة، الذي سيغير مسيرة تعامل البشرية مع كورونا، وفصائله المستجدة، وهذا أصبح يقينا، وهو بلا شك يمثل حجر الزاوية في ذلك.

بعض المشكلات والمضاعفات البسيطة أو حتى متوسطة الضرر أصبحت معروفة، ويمكن النقاش فيها، وكذلك يمكن الحد من آثارها إلى درجة كبيرة.

إذن هناك أهمية للتوازن بين المناعة والفايروس داخل الجسم. وهذه أهمية التطعيمات؟

د. حاتم الهاني: أكيد، هذا الذي يعول عليه بشكل كبير، والقصد من إعطاء اللقاح هو تكوين المناعة ضد الفيروس في جسم الإنسان.

لا يتم إجازة أي لقاح، إلا بعد الإجابة عن هذا السؤال: ما هي الفائدة المناعية التي ترتبت من إعطاء اللقاح وذلك ضمن معادلة محسوبة.

د. صلاح الهاجري: ما الفرق بين مختلف اللقاحات المطروحة؟

موديرنا

فايزر

استرزنيكا «أوكسفورد»؟

وأيهما أثبت فعاليته أكثر من غيره؟

د. حاتم الهاني: طبيعة اللقاحات أنها تختلف في مكوناتها، ويتبع ذلك أي جزء من المناعة يستثار، وبالتالي فعالية المضادات التي يفرزها الجسم خلال اللقاح.

موديرنا وفايزر يحملان نفس التقنية، ونتائجهما متقاربة في تكوين المناعة، وقد حققا نسبا تاريخية في إعطاء مناعة تتجاوز 90% ؜، وهذا أمر جدا رائع.

أسترزنيكا «أوكسفورد» يعتمد على تقنية مختلفة، حيث يعتمد على وجود وسائط ناقلة لمادة اللقاح، وهذا يختلف في تأثيراته وفعاليته عن اللقاحين السابقين، فهو أقل فعالية من موديرنا وفايزر، فهما أكثر فعالية منه.

المحور الثاني: المتحورات:

د. صلاح الهاجري: - ما الفرق بين كورونا كوفيد 19، والمتحور دلتا، والمتحور أوميكرون؟

د. حاتم الهاني: لتقريب الفكرة يمكن تشبيه المتحورات بالقفل الذي يفتح بالأرقام، مثلا تغلقه ب 3 00، أو تضع خيارات أخرى من المصفوفات عندما تغلقه دون تركيز: 305,308، الخ

الفيروس يتكون من مصفوفات «أشبه بأرقام القفل» وهذه تمثل آلافا من الأحماض الأمينية المصفوفة، وفي كل مرة يتكاثر الفيروس ينتج عن ذلك اختلاف في هذه المصفوفات في بعض الأماكن.

في كل تكاثر، يحدث هذا التغير الذي يطرأ عليه، وهذا التغير قد يكون في موقع واحد أو موقعين أو أكثر.

ونحن واقعا، لا نعرف الضابطة لعدد هذه التغيرات، لكن المؤكد أن هذه التغيرات شبه حتمية.

لهذه التغيرات نتائج هي:

- قد تؤدي هذه التغيرات إن وفاة الفيروس نفسه، حيث تحدث تغيرات غير متوافقة مع حياة الفيروس نفسه.

- حدوث تغيرات أشد ضراوة، وأشد انتشارا، أو العكس.

كيف نعرف أن هذا التغير الذي حصل للفيروس ذا جدوى؟

من خلال ممارسات الفيروس في الواقع، نحو:

- أن الفيروس أصبح أكثر انتشارا

- حالات الإصابة به باتت أشد

- أو خفة حالات الإصابة بحيث صارت أقل انتشارا، ولا تستدعي عناية طبية، وهذه التغيرات الأخيرة إيجابية

وملخص ما تقدم:

1 - أن التغير «التحور» هو حتمية مرتبطة بتكاثر الفيروس.

2 - هذه التغيرات تؤثر في الفيروس، فقد تؤدي إلى وفاته، أو قد تجعله أشد ضراوة، أو أقل ضراوة أو أكثر انتشارا، أو أقل بحسب طبيعية التغير الحاصل.

د. صلاح الهاجري: هل يتوقع الطب متحوراً بعد أوميكرون؟

د. حاتم الهاني: استنادا إلى ما تقدم ذكره من شرح، فإن التحور لا يتوقف، لأن التحور هو جزء من طبيعة سلوك الفيروس.

يوجد رصد علمي للتطورات التي تحدث للفيروس، لكن لا يمكن التنبؤ بطبيعة هذا التغير الذي حصل للفيروس إلا من خلال واقع الممارسة الحياتية لسلوك الفيروس في الكائنات الحية التي يصيبها.

إذن هل من المتوقع أن يتخلد كورونا على سطح الكرة الأرضية أبد الآبدين؟

إلى أن يقضي على نفسه أو يضعف ويصبح غير ممرض أو ممرض بدرجة خفيفة جدا

د. حاتم الهاني: واقعا، لا نعلم، استنادا إلى علاقة الكائنات الحية بالإنسان، هناك ميكروبات تعيش مع الإنسان، وهذه تمثل تحديا للإنسان حيث فشل الإنسان في بعض الأحيان، ونجح في أحيان أخرى في التخلص من هذه الميكروبات التي تعيش معه.

ما أود قوله، أن هذا جزء من الوجود، ومرتبط بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وعبر التاريخ كان هناك تحد بين هذه الكائنات الحية في الوجود وبين الإنسان، وهذا جزء من صراع الحياة، إلا أن الحالة توحي بتحوله إلى مستوطن مثله مثل غيره.

د. صلاح الهاجري: المتحور أوميكرون أسرع عدوى وانتشارا لكنه أقل ضراوة، ولا يستدعي الإدخال إلى المستشفى أو وحدة العناية المكثفة مقارنة بالمتحور دلتا.. ما مدى صحة هذه المعلومة؟

د. حاتم الهاني: نعم هذا صحيح.

المعرفه به تتطور، ومواجهته تتطور، واللقاحات فعالة، وسرعة إنتاج اللقاحات للمتحورات باتت أكثر سرعة.

كذاك ظهرات العلاجات الفعالة بشكل كبير، وهناك أدوية تقضي على الفيروس بنسبة 85% ؜، ونسبة الشفاء بإذن الله تعالى تصل إلى 85% ؜.

أشياء كثيرة باتت تتضح في طبيعية سلوك الفيروس في الإنسان.

توجد علاجات عن طريق الفم، وعلاجات وريدية، وهي ذات فعالية عالية، والوضع حاليا أحسن مما سبق.

كما تعلمون أن أوميكرون الذي يتم الحديث عنه بشكل كبير، في بريطانيا على سبيل المثال، الإصابات اليومية به هي بمئات الآلاف، لكن حالات الاستشفاء - الإدخال إلى المستشفى - يمثل عددا محدودا جدا، وذلك بسبب فعالية اللقاحات والأدوية التي تسيطر عليه.

أكثر المصابين بأميكرون والذين يحتاجون الاستشفاء - الإدخال إلى المستشفى - هم غير المطعمين.

أول دراسة في جنوب أفريقيا في نوفمبر، وهي الدولة التي اكتشف فيها الفيروس، أبانت أن غالبية الذين يحتاجون الاستشفاء هم من غير المطعمين بلقاح كوفيد - 19، وأن الغالبية العظمى من المطعمين لا يحتاجون إلى الاستشفاء.

المتحور أوميكرون هو أشد ضراوة على غير المحصنين سابقا، وسرعة انتشاره أكثر من الأصناف السابقة.

د. صلاح الهاجري: جامعة أوكسفورد تُطمئن العالم:

«تلقي 3 جرعات من لقاح استرازينكا كافية للوقاية من متحور أوميكرون الجديد.»

ما مدى مصداقية العبارة السابقة؟ وماذا عنها مع سواه من المتحورات؟

د. حاتم الهاني: لم أطلع على هذا، لكن الواقع يصدق هذا الكلام.

لدينا، حسب ما أعلم وخلال متابعتي، لا توجد حالة واحدة من الذين تلقوا الثلاث الجرعات من اللقاح احتاجت الإدخال بالمستشفيات مع إصابتها بأميكرون.

أنك قد تصاب بالفيروس ولكن لا يضرك بحيث يستدعي الإدخال إلى المستشفى وكذلك لا ينتقل إلى الآخرين من خلالك أو ينتقل بشكل محدود،، وهذا هو الهدف من اللقاح، والجرعات الثلاث من اللقاح تحقق هذا بشكل كبير جدا.

الجرعات المعززة وظيفتها أن تبقي المناعة في مستويات عالية، وتكون فعالية اللقاح ضد أوميكرون أيضا متحققة.

د. صلاح الهاجري: أيهما يعطي وقاية أفضل للفيروس، الإصابة ثم الشفاء أم التطعيم؟

د. حاتم الهاني: يبدو أن المناعة التي تنتج عن اللقاح، تعطي دائرة أوسع في الوقاية من العدوى المباشرة بالفيروس، وهذا الذي بينته الدراسات.

د. صلاح الهاجري: هل تتوقعون عودة الإغلاق والحجر بسبب المتحور الجديد أوميكرون؟

د. حاتم الهاني: إن شاء الله هذا بعيد عن الصورة.

الإغلاق هو مرحلة متطورة في إيجاد حل أخير للفشل في المواجهة، ليس على نطاق المنظومة الصحية، بل أيضا على نطاق المنظومة الاجتماعية.

الفيروسات مثل الكثير من الأمراض تعتمد في انتشارها على جزء طبي، وآخر اجتماعي، والجانب الاجتماعي مهم جدا.

أتمنى الانتباه إلى تأثير العامل الاجتماعي في السيطرة على الفيروس.

الذهنية الاجتماعية في التعامل مع الأوبئة مهمة جدا، فعقلية المؤامرة، وتجاهل التوجيهات الطبية، والاستهانة باللقاحات وتأثيراتها الإيجابية، هذا له مردود سلبي في التعامل مع الوباء.

لذا فالتعاون الاجتماعي مع الجهات الطبية، والثقة بها يعطي نتائج إيجابية، تجعلنا إن شاء الله تعالى نستبعد طرح مثل هذا السؤال.

سؤال: هل يكون اوميكرون نتيجة أن الدول الفقيرة لم تحصل على دعم في أخذ اللقاحات وما حصل من الدول الغنية بخلت على الدول الفقيرة ولهذا أصبح مثل العقوبة؟

د. حاتم الهاني: نعم، لا شك أن العدالة في توزيع اللقاحات مهمة جدا، ومهم أن لا يتم التمييز بين الدول على هذا الأساس.

لذا فإن منظمة الصحة العالمية ودول أخرى أرسلت لقاحات مجانية إلى الدول التي لا تستطيع توفيره لمواطنيها.

اعتقد أن كلمة عقوبة ليست صحيحة وبعيدة عن التصور، ويوجد تنافس بين الدول في توفير اللقاحات لمواطنيها وهذا من حقها.

منظمة الصحة العالمية وكثير من الدول تجاوزت هذا السؤال، وأعطت اللقاح للدول التي تحتاجه

المملكة ودول أخرى في العالم، تبرعت بملايين الجرعات للدول المحتاجة.

أصبح واضحا أن البشرية تتشارك في الأزمات، لذا فإن المشاركة في هذه الأوبئة هي مسؤولية الجميع.

المحور الثالث: كوفيد - 19 والأطفال

د. صلاح الهاجري: هل قابلية الإصابة في الأطفال الكوفيد 19 مثل البالغين؟ أم هي أقل حدة؟

د. حاتم الهاني: شكرا جزيلا على السؤال.

الواضح أنه في المرحلة الأولى من الإصابات أو الوباء، كان الأطفال يمثلون أقلية في عدد الإصابات، لكن كانت توجد إصابات في مختلف الأعمار، وبنسبة أقل عن البالغين.

في الفترة الأخيرة، المنحى الوبائي بدأ يصيب الأطفال بنسب عالية؛ في بعض الدول وصل إلى 20% ؜ من مجموع الإصابات وهذا لم يكن مسجلا سابقا.

كذلك فإن حالات الاستشفاء «حالات الإدخال إلى المستشفيات» صارت في تزايد، ويتطلبون عناية مكثفة خاصة تلك الفئات التي لم يشملها التطعيم.

لذلك استعجلت الدول في إنتاج اللقاحات للأطفال وإجراء الدراسات ومن ثم البدء في حملات تطعيمهم.

وباختصار، هم أقل ولا زالوا أقل، ولكن نتيجة للإغلاقات وعزل الأطفال لسنتين سابقتين وعدم حصولهم على اللقاح فإن حالات الإصابة أصبحت تزداد مقارنة بالبالغين الذين تلقوا التحصينات، وبالتالي فإن قابلية الإصابة في الأطفال حاليا في تزايد، وتستلزم التدخل.

د. صلاح الهاجري: شكرا دكتور، وهل هناك تحذيرات أو مخاوف من استعمال اللقاح للأطفال؟

د. حاتم الهاني: شكرا دكتور،، هذا يأتي في إطار الموازنة بين تحقق المصلحة من اللقاح والضرر.

سجلت على مستوى العالم بعض المضاعفات التي تخوف الناس منها، لكن أكثر هذه المضاعفات إن لم يكن جميعها، هي لفترة محدودة ولا يبقى لها أثر Reversible، ويرجع الطفل إلى طبيعته.

عدا هذه الحالات المعدودة، فإن النتائج مرضية ومشجعة بشكل كبير.

مما رأيناه من تجارب سيئة في الإصابات، أصبحت هذه المضاعفات الثانوية أمرا ممكن جدا تقبله، مقارنة بالفوائد العظيمة التي يحققها اللقاح.

نتمنى للجميع الصحة والسلامة.

د. صلاح الهاجري: يقال أن الإصابات الخفيفة التي قد تنال الأطفال ولا تظهر عليهم أي أعراض، تكون خطيرة على كبار السن حيث يتم نقل العدوى من حيث لا يشعرون..

ما مدى صحة هذه العبارة؟

د. حاتم الهاني: هذه النقطة مهمة، لكن لها توجيه خاص.

إن أغلبية الأطفال ليس لديهم أعراض، لكن درجة إمكانية نقلهم الفيروس إلى كبار السن، خصوصا الذين يعتبرون عاليي الخطورة، كالذين لديهم مشاكل طبية مزمنة أو مشاكل بالمناعة، يمثل خطورة عليهم، حتى لو كانت نسبة الأطفال الناقلين للفيروس ليست كبيرة مقارنة بالبالغين، وهذا من الأشياء التي يتم التخوف منها.

الآن، يفترض أننا في مرحلة تم فيها تغطية البالغين - الذين يمثلون فئة عالية الخطورة ومستهدفة اللقاحات باستنثاء أولئك المستثنون من أخذ اللقاحات لأسباب طبية وجيهة،؛ فهؤلاء مخالطتهم للأطفال أو البالغين غير المحصنين الحاملين للفيروس يمثل مشكلة لهم.

أن حلقة الحماية المستهدف فيها عاليي الخطورة يفترض أن تكون قد استكملت، وكذلك الأطفال في حد ذاتهم ينبغي أيضا أن يستهدفوا باللقاحات.

بالإضافة، بعض الدراسات أوضحت أن المحصنين أو أولئك الذين حصلوا على اللقاحات، فإن إمكانية انتقال الفيروس إلى الآخرين أقل من غير المحصنين، فالتحصين يعطيهم حماية ذاتية، ويقلل من إمكانية تكاثر الفيروس في جهازهم التنفسي وبالتالي انتقاله إلى الآخرين..

د. صلاح الهاجري: اخيرا نتساءل..

هل سيكون الشتاء موسما لعودة ارتفاع حالات كورونا؟ خصوصا ما نراه من تصاعد الحالات هذه الأيام؟

د. حاتم الهاني: كما لا يخفى، إن تغيرات الجو بشكل عام تؤثر في انتشار الفيروسات التنفسية كالأنفلونزا، أو الفيروسات الشبيهة بالأنفلونزا وفيروسات كورونا، ومنها كوفيد - 19

الاتجاه إلى الانتشار يكون من بداية شهر أكتوبر «أو نوفمبر» ويمتد عادة إلى شهر مارس، وأحيانا يتأخر إلى أبريل؛ هذا هو الموسم الذي يتخوف منه من انتشار الفيروسات التنفسية.

حديثي هو عن بيئتنا، حيث يأخذ هذا الاتجاه زيادة ونقصا نتيجة للظروف البيئية، وحجم التكدسات والمخالطات ونحو ذلك؛ لكن هذا هو الموسم الذي يتخوف منه بشكل عام.

المحور الرابع: أسئلة القراء

شكرا دكتور.. بارك الله فيكم ونفع بكم

وهنا تساؤل أيضا لو سمحتم.. لماذا ينصح بالتطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية في الشتاء ومع وجود جائحة الكوفيد 19؟

د. حاتم الهاني: لا ننسى أن الإنفلونزا الموسمية لا زالت تمثل مشكلة كبيرة على صحة الإنسان، بالإضافة إلى ذلك، توجد مشتركات في الأعراض بين الفيروسين «الإنفلونزا وكوفيد - 19»، مما يجعل إمكانية التحصين ضد أحدهما يمنع اختلاط واشتباه الأعراض مع الفيروس الثاني.

ولرفع الاشتباه بين أعراض الاثنين قدر الإمكان، ولتوفير الحماية منه، خاصة بعد سنتين من الإغلاق وانفتاح الناس على بعضها، فإن موجة الإنفلونزا قد تكون أشد ضراوة، خاصة أن كثيرا من الناس لم يأخذوا اللقاح السنة الماضية.

سؤال: بارك الله فيكم دكتور …. معلومات قيمة ووافية، ومع كل ذلك ما زالت هناك أفراد تعتبر فايروس كورونا مؤامرة دول وليست حقيقة مرض.

د. حاتم الهاني: اعتقد بالنسبة لكونه مؤامرة دولية وغير حقيقية، فإن الواقع يخالف ذلك، ونحن لا نتكلم عن شيء يمكن إخفاءه، ففي جميع جهات الأرض تجد إصابات ووفيات بالملايين.

ذهنية المؤامرة تبحث عن شيء لتتعلق به، فتارة يكون المرض مؤامرة وتارة يكون اللقاح مؤامرة؛ فإذا كانت المشكلة مؤامرة وحل المشكلة مؤامرة، كيف يمكن تخلص الناس من هذا الوباء؟.

أحيانا يقال أنها مؤامرة يهودية كي يقضوا على المسلمين؛ اليهود حاليا وصلوا إلى إعطاء الجرعة الرابعة من اللقاح، فهل سيقضون على أنفسهم أو على من؟.

هذا تسطيح، وهذه بساطة، واستغفال لعقول الناس من خلال نقاط ليست ذات جدوى.

إذا كان هناك حريق في بيت ما، هل تلتهي بالبحث عن الذي أشعل الحريق أم تبادر إلى إطفاء الحريق، وتحمي نفسك وعائلتك..

الآن، الوباء واقع وحقيقة، واللقاح المخرج هو الوحيد بعد عناية الله سبحانه وتعالى. الوباء هو حقيقة، ولذا ينبغي مواجهة الواقع بشكل أكثر عقلانية.

سؤال: مع ظهور متحورات كورونية من الفيروس الأصلي من وقت لآخر هل التحاليل المعمول بها «المسحات» الآن كافية ودقيقة للكشف عليها أم ممكن أن يكون فيها مقدار من الخطأ أو الشك حسب نوعية المتحور؟

د. حاتم الهاني: تقنية PCR تكشف عن RNA أو DNA بغض النظر عن الفيروس، بشرط أن يكون موجها إلى جزء معرف للفيروس، وهذا لا زال موجودا وفعالا في اكتشاف الفيروس.

بالإضافة إلى فحص الاختبار السريع Rapid Test أو Antigen antibody test اختبار الأجسام المضادة للمستضد، وهو يعتمد على كشف المناعيات وهو موجود ومتاح في المملكة، ويعتمد عليه، ولكن لديه قصور في النتائج السلبية مقارنة بفحص الجزيئات.

سؤال: هل هناك ما هو جديد بعلاقة كل التطعيمات مع الحمل بكل شهور الحمل؟؟

د. حاتم الهاني: التوصيات الأخيرة تفيد بسلامته في جميع مراحل الحمل، وكذلك أخذ الجرعات المعززة أثناء الحمل أيضا.

هذه توصيات الجمعيات الأمريكية للحوامل CDC، ويبدو أنه لا يوجد خلاف في هذا الموضوع.

إحدى الشائعات المنتشرة: ما مدى ارتباط جرعات اللقاحات الخاصة بفايروس كورونا واستخدام التخدير ”الموضعي أو الكامل“ لجسم الإنسان وأنه يؤدي إلى الوفاة

هذا غير صحيح، ومبالغ فيه بشكل كبير جدًا.

لا يوجد تعارض بين لقاح كورونا والتخدير الموضعي أو الكامل، وهناك ملايين الناس يأخذون لقاحات كورونا ويعطون تخديرا موضعيا أو عاما دون حدوث مشاكل بسبب ذلك.