آخر تحديث: 18 / 5 / 2024م - 9:57 م

احنا جيرانه.. مؤسس النور (ع)

أحمد رضا الزيلعي

احنا جيرانه.. مؤسس النور

”في رثاء المولى أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق

المقطوعة الأولى/ عالم الأنوار ودعوة إبراهيم الخليل

وقفتُ على تُخُومِ زمانِكَ العَلَمِ
لأقرأ من تُرَاكَ؟ بمُحْكَمِ الكَلِمِ

فَلَاحَ ليَ البهاءُ بحلةٍ حجبت
ظلام جيوشِ جهلٍ.. هَمَّ بالشَمَمِ [1] 

ووحيٌ من بُطُونِ العرش شقَّ المدى
لهذا الصرح قَدْ سجدتْ حروفُ فمِي

لذاك هوت جهودُ الظالمين إلى
سحيق النار، كي تبقى وِقَى الأممِ

تَرَشَّحَتِ النبوةُ والوصايةُ مِن
شعاعِ جمالِكم في ساحة الحَرمِ

حقيقة أحمد المختارِ جسَّدها
شَفِيفُ ضياءِ بدرك.. آيةُ الهِمَمِ

لإبراهيم دعوته أجيبت في
”كمال الحُسْنِ“ باْسمك يا سليل سَمِيْ [2] 

المقطوعة الثانية/ طيبة منزل الأنوار واختيار الجبار

أيا طِيب التراب بِمَن أتاكِ على
براق الوحي ينثُرُ سورةَ القَلَمِ

لِيُهْنِكِ طيبةَ الرحمنِ.. مَقْدِمهُ
فَحَلَّ بهِ جلالُ اللهِ بالنِعَمِ

مسيرُ الكونِ مِن خُطْواتِهِ نالَ
دُروسَ النَظْمِ فاْختالَ السنا النَجْمِي

وأنتِ اختاركِ المحمودُ مَنزِلَهُ
تُنيرِي العرشَ والكرسيَّ.. فاْبْتَسِمِي

فَصِرتِ القلبَ للأكوانِ في خَبَبٍ
إلى ربِّ السماء، نَقِيَّةَ النَسَمِ

وأَودَعَكِ المليكُ جَوَاهِراً شَمَخَتْ
بتربكِ فوق لوحٍ حافِظِ القِسَمِ

بَقيعُكِ مَهبَطُ الأملاكِ والرُسُلِ
تَعُجُّ بهمْ قداسةُ مُوضِحِ البُهَمِ [3] 

المقطوعة الثالثة/ انحراف الأمة وضلالها

ولكنَّ العقول تَجَودُ من سَقَمٍ
لِمَا ماتوا بحدِّ السُمِّ والغَشَمِ؟ [4] 

أُقِيلَتْ عن مقام البَتِّ وهْي لهُ
فهل تُقْصى النجومُ لِعتمةِ الظُلَمِ؟

وَعَثْرتُ دَهْرِنَا ما مِنْ دواء لها
وكيف يقال من غال الندى، وَعَمِي؟

لَرُبَّ الشّرْخُ أَوْدَى بالبناء على
يتيمٍ مات والدُه بِسَفْكِ دمِ

فَتَاهَ يَدُورُ صَحراءَ الضلالِ ولا
مُعينٌ يعرف الآفاق بالحِكَمِ

وعطشى قد سقاها الجور آسِنَ ما
تمخَّضَ من تخبُّطِهِ على الرِمَمِ

متى تُنهِي النُّفُوسُ غرورها؟ فعسى
يَبُرُّ الصبحُ بعد غِيابِهِ قَسَمِي

المقطوعة الرابعة/ الأئمة ملاذ الأمة وسفينة النجاة

فما بعد الحسين سفينةٌ وصلتْ
إلى شَطِّ النجا المَتْخُومِ بالرَحَمِ

ولولا صفوةُ الأبناء غاضَ هُدىً
ودُكَّ عَمُودُ صَرْحٍ شاهقِ القِمَمِ

تعدَّدَ دورُها والغاية الله
لدحض نشاز عزفٍ مُزعجٍ صَمَمِي [5] 

فذاك دعاؤهُ أَحْيَا نفوساً قد
سقى الموتُ المُجَفِّفُ عُشبَهَا السَقِمِ

وباقرهم.. لقد بقر العلوم كما
تفصَّلَتِ الحقيقةُ قَبلُ.. فاْفْتَهِمِي

وَأَهْدَى المُجدِبِين [6]  بـ ”جعفرَ“ السَّاقِي
حِياضَ العِلمِ بالنضَّاخ [7]  والشِيَمِ

فأنشده الزمانُ مُنَازِلاً عَقُمَتْ
نساءُ العالمينَ بمثلِهِ تَقُمِ

المقطوعة الخامسة/ صادق آل محمد مؤسس العلوم وباني الحضارات

قرونٌ والحواضر عند أعتابٍ
أشاد قصورها في عتمةِ الأممِ

فقامتْ باسمهِ سِككٌ إلى العليا
بكلِّ حضارةٍ عرفتْ سنا الخِيمِ [8] 

وأفذاذٌ حَدَتْ من بيته السامي
بعلم الدين أحْيتْ ميِّتَ العِصَمِ

ذكاءٌ خارقٌ [9]  زُرعتْ به أسسٌ
حَمَتْ دين النبيِّ بعَزْمةِ القَلَمِ

وعمَّ مذاهباً فيضٌ براحتهِ
فَسَلْ ”نُعمَانَها“ عن فاتِقِ الغُمَمِ

وصلَّى مالكٌ باسم العلوم له
صلاةَ تفقُّهٍ في معشرٍ وُجُمِ [10] 

وأسفر شافعيٌ عن لسان هوىً
ترفَّضَ قلبهُ.. والشعرُ كالنَغَمِ

المقطوعة السادسة/ وهُدَّ عامودٌ آخر من خيمة النور 

ولكنَّ النواصبَ غاضها حسْنٌ
لأحمدَ، شادَ ما هَدَمَتْ يدُ العَدَمِ

بمنصورٍ تربَّى الحقدُ والحسدُ
وما فادتْ أصولٌ جُذِّرَتْ بِدَمِ [11] 

فَغَالَ بْنَ النبيِّ لِنشْوةِ الملكِ
فهل أبقى الحصادُ لُهُ يدَ الحَشَمِ؟

إلى خِزيِ العذاب تزحلقتْ قدمٌ
أذاقتْ قلب طه حُرقةَ السَمَمِ

ويبقى حُسْنُ شمس ولائهم أبداً
ينير العرش.. يروي مُصحف الحِكَمِ

لـ ”جعفر“ ذي بضاعة مُعوِزٍ، فعسى
تنال رضاه.. يا غَوثاً مَحَى لَمَمِي

[1]  فِي شَمَمِ الْجَبَلِ: فِي قِمَّتِهِ، فِي أَعْلاَهُ

[2]  سمي من السمو

[3]  بُهُم: جمع بَهيم لَيْلٌ بَهيمٌ: -: مُظْلِمٌ والمقصود المبهم من القضايا أي الغامضة

[4]  غشَم الشَّخصَ: ظلَمه أشدَّ الظُّلم هذا حاكم غاشِم، الغَشُومُ: شديد الظُّلم، من يأخذ كلّ ما قدر عليه من الناس

[5]  صممي صفة من الصمم كناية عن عدم الإصغاء للحق والحقيقة

[6]  جَدَبَ المَكانُ: يبسَ لاحتباس الماء عنهُ

[7]  النَّضَّاخُ: صيغة مبالغة من نضَخَ: غزير، شديد الفوران. غيثٌ نصَّاخٌ: كثيرٌ غزير

[8]  الخِيمُ: السَّجِيَّةُ والطبيعةُ والخِيمُ الأصلُ. المذكور في البيت جمعها وليس المفرد وإن كان يصح وزناً بمفردها.

[9]  هذا من ناحية النظرة الإنسانية وإلا المعصوم هو واسطة كل الخير فلا يحجم بذكاء فهم فوق هذي المفاهيم

[10]  وَجَمَ عَنْهُ: سَكَتَ فَزَعاً، كناية عن فزعهم من تضلع الإمام بالهدى

[11]  المقصود انتسابه بالدم إلى هاشم جد النبي صلى الله عليه واله