آخر تحديث: 18 / 5 / 2024م - 11:30 م

الوظيفة الخاصة والوظيفة العامة والتنافس

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

يبدو أن تطلعات الجيل الحالي تختلف نوعاً عن تطلعات الجيل السابق من حيث بناء الأحلام الوظيفية. سابقاً كان التطلع الشاب أن يحظى بوظيفة حكومية ففيها ضمان وظيفي حتى بلوغ سن التقاعد، ولم يك هناك ما يحول دون ذلك إلا إذا ارتكب الموظف جرماً شائناً أو تقصيراً فادحاً في أداء وظيفته. حالياً أصبح التنافس أكبر على شريحة محددة من الوظائف التي توفر مزايا، إضافة إلى الضمان الوظيفي، والأمر لم يعد يقتصر - بالإضافة للحكومة - على أرامكو وسابك، بل أخذ يمتد مؤخراً للشركات الجديدة التي تحتضن المشاريع العملاقة، وفي مقدمتها مدينة نيوم والبحر الأحمر والقدية وبوابة الدرعية وروشن. وأخذاً بالاعتبار تزايد الداخلين لسوق العمل عاماً بعد عام، فنجد أن التنافس أصبح محتدماً للحصول على وظائف في الجهات الحكومية والشركات الحكومية أو شبه الحكومية بما في ذلك الشركات المملوكة للصندوق. ومَنّ يسعى للحصول على وظيفة في هذه الجهات فهو محق، فهذه فرص وظيفية متميزة بالفعل، ليس فقط للاعتبارات المالية بل كذلك لما تقدمه من فرص تطوير المهني ومسارات وظيفية. النقطة هنا كيف يحوكم شغل هذه الوظائف باعتبارها نادرة؟ وهذا تساؤل القصد المحدد منه أن تنشر كل الجهات سياسات واضحة للتوظيف ولشغل الوظائف.

النقطة الثانية تتعلق باستقطاب أصحاب الخبرة، فباعتبار أن العديد من الشركات التي تأسست حديثاً، قد ولدت عملاقة؛ فأمامها مهمة كبيرة ينبغي لها تنفيذها في نطاق زمني محدد، وعليه فلا تملك إلا أن تستقطب موظفين ليس فقط من مستوى الدخول، بل كذلك من أصحاب الخبرة والمعرفة السابقة لبناء الشركة وحتى تمتلك القدرة لممارسة مهامها سريعاً، وهذا أحدث حراكاً لسوق عمل كان ساكناً، فأخذنا نجد تنقلات واستقطابات، وبدأت مقولة التشبث بالوظيفة حتى بلوغ التقاعد تضعف وتتلاشى من أذهان الجيل الشاب، فتجد من“يقفز”من وظيفة لأخرى خلال سنة أو اثنتين، وعندما تتساءل عن السبب تجد أن الشاب نجح في الحصول على أجر أفضل وشروط أفضل مثل بدل تعليم الأطفال والتأمين على الوالدين الخ.

النقطة الثالثة تتعلق باستقطاب القدرات والمواهب الوافدة، وهذا أمر لابد منه مع ندرة الخبرات محلياً في العديد من القطاعات الجديدة أو تلك الآخذة في التوسع، ومع النقص عالمياً في الخبرات التقنية، ومع تحول الاقتصاد السعودي لاقتصادٍ منفتح ليس فقط على الاستثمارات الأجنبية بل كذلك على أصحاب الخبرات والمواهب والرياديين. والنقطة هنا أن يكون هناك كذلك مسار لردم فجوة الخبرات والمهارات ليس بقصد الاكتفاء الذاتي بل بقصد إيجاد مسارات لتطوير الجيل الشاب المواطن من خلال العمل مع خبراء متمرسين، وبذلك يكون الاعتماد ليس على الخبراء الوافدين بل الاستعانة بهم، والفارق كبير بين الأمرين. ويمكن تصنيف هذه الوظائف بإعتبارها حرجة، والتي وضعت لها معايير، منها: الاحتياج العاجل، ضعف قاعدة المرشحين من الداخل، قلة وفرة المرشحين من الخارج، تأثيرها على تحقيق مستهدفات الشركة، وندرة المهارات.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى