آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

وجهانِ في غيبِ القصيدة

فاطمة عبد الله الدبيس

وجهانِ في غيبِ القصيدة

ما بينَ شكِّي والحقيقةِ أُنثَيَان
وجهي تناثرَ فِيهِمَا
عقلي تَشَرَّدَ
واستَثَارَ نِداهُما قلقَ الهَيُولَى مُنذُ كان

درويشتانِ
وفي رِهانِ التائهينَ تشظَّتا
مُشتَطَّتَانِ بِرُقعةِ الشطرنجِ في غيبَيهِما
نَردانِ رُغمَ تخَوُّفِي مُتمرِّدان

صوفِيِّةٌ إحداهُما
في هُدبِها وحيُ النبوَّةِ مُسدَلٌ
في صوتِها سِرُّ الهدى 
وعلى مُحيَّاها اندلاقاتُ الأذان

شيطانةٌ أُخرَايَ
تعبرُ أزمُنًا
من قضمةِ التُفاحِ تبدأُ لعنةُ الآبادِ في صُلْبِ الزمان

هيَ ذي أنا !
وجهانِ في غبَشِ الهُوِيَّةِ
منذُ نشأتيَ القديمةِ في طواحِينِ الذُّهَان

بيني وبيني :
ألفُ مجهولٍ يُعربِدُ في دمي
ومسافةٌ مُرتابةٌ
وجهنَّمان

منذُ ابتدا بِرُؤايَ ثالوثي العتيقُ:
أنا
وضِدَّايَ اللذانِ تماهَيَا بحقيقتي،
نزَفَتْ بِلوحةِ أُحجِيَاتيَ مرأتان

عاثَتْ بشكلَيَّ انعكاساتُ المَرَايا /
ظِلُّ إحساسٍ وليدٍ /
ثورةُ الشكِّ الكثيفةِ /
آخِرُ الهِجرَاتِ في جُرحِ الكيَان

قدَري بأن أمتدَّ من ماءِ الشُعُورِ
منَ الجُنونِ المُصطَفى
من لُجَّةِ الفوضى
منَ الأضدادِ في لغةِ الطلاسِمِ
من مقاديرِ المتاهةِ
من رِقاعِ الذاتِ في غَورِ الطِعَان

كالشِعرِ يختزِلُ الوُجُودَ بِدَفَّتَيهِ
مُعانِقًا روحَ الحياةِ بِكُلِّ أشكالِ المجازِ /
بِكُلِّ أنواعِ الكنايةِ /
بالتناقُضِ في احتمالاتِ البيان

يغشى الفؤادَ بلحظةٍ
ضوئيةٍ
ويَمُرُّ عبْرَ الذاتِ مُنسَكِبَ الحَنان

ما الشعرُ إلا وجهيَ المخبوءُ في بحرِ الخُرافةِ /
حِسِّيَ المولودُ من رحمِ التعجُّبِ /
صوتيَ الممتدُّ في رجْعِ الكمان

لمَّا تماهى بالظُنونِ حسِيسُهُ،
منهُ استعرتُ حقيقتي
وعرفتُ أنِّيَ والقصيدةَ توأمان !