آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 12:10 م

سياسة المصارحة والمكاشفة لولي العهد

جعفر الشايب * صحيفة اليوم

لا يمكن حل أي مشكلة بالسكوت عليها والمراهنة على الزمن لحلها، بل ينبغي فعلا مواجهتها وكشفها وإبرازها وطرحها على مختلف الأصعدة من أجل اكتشاف أوجه المعالجة والحلول. المكاشفة والمباشرة في معالجة أي مشكلة مقابل التستر والتخفي والتأجيل يبدو أنه أقل كلفة وأنجع حلا وأسرع علاجا لأي قضية، حيث إن التأجيل يؤدي إلى تضخم المشكلة وتعقيدها وبالتالي صعوبة معالجتها.

كأي مجتمع في هذا العالم، فإنه من الطبيعي أن تتوالد مشاكل ثقافية واجتماعية واقتصادية وغيرها في مجتمعنا، وخيارات التكتم والتستر والسكوت على اي مشكلة لم يثبت مطلقا بأنه علاج مناسب. في المرحلة الحالية بدت توجهات المسئولين في المملكة واضحة وجادة للعمل على التعاطي الواضح والصريح مع أي مشكلة وقضية مطروحة والبت فيها بصورة تجعلها مكشوفة للمعالجة.

الأحاديث والتصريحات والإجراءات التي يتخذها ولي العهد ومسئولون آخرون تجاه قضايا كانت تعتبر مسكوتا عليها، بدت مؤثرة وحركت هذه القضايا بشكل واضح من أجل معالجتها والبحث عن حلول جذرية لها. من بين هذه القضايا المطروحة مكافحة الفساد، التي كانت أمرا مسكوتا عنه سابقا أو أن أطروحات العلاج كانت نظرية فقط دون أي اجراءات عملية واضحة، أما الآن فقد أصبح لإستراتيجية مكافحة الفساد برامج عملية محددة وواضحة واتخذت خطوات وإجراءات ملموسة من قبل الجميع.

حديث سمو ولي العهد حول مناهج وبرامج التعليم، ومثلها جاءت تصريحات وزير التربية والتعليم، أكدت على ضرورة معالجة الثغرات القائمة في برامج التعليم ومواجهة هذه الأزمة؛ كي نتمكن من تحويل التعليم إلى رافعة حضارية تعتمد على العلمية والموضوعية والبحث، بدلا من التقليد والتلقين وتأثير الفكر المتشدد في مناهجه. وهكذا الأمر في تصريحات سمو ولي العهد حول دور ومشاركة وموقعية المواطنين الشيعة في بناء الوطن - في لقائه بالصحفيين بمصر - والذي أكد على المساواة الكاملة بين المواطنين ودور الجميع في بناء الوطن الحضاري بعيدا عن أي تصنيفات فئوية أو مناطقية.

معالجة الفكر المتطرف الذي عصف بمجتمعنا لعدة عقود أيضا هو من القضايا المقلقة والمؤثرة على حركة المجتمع وتقدمه وتطوره، كما أثر على سمعة وموقعية المملكة أيضا. الآن نشهد جميعا حركة جادة وواضحة ومحددة الأهداف لمواجهة هذا الفكر المتشدد بمختلف أنماطه ومؤثراته، والتوجه الجاد إلى إفساح المجال أمام حالة من التنوع وتعدد الخيارات لأفراد المجتمع بدلا من سيادة اتجاه فكري محدد.

هذه نماذج محدودة من عدة قضايا مختلفة في مجالات متعددة، يلحظ فيها التوجه الجاد والواضح والجذري في المعالجة، بدأت آثاره تنعكس على الصورة العامة للمجتمع بشكل عام، وعلى حجم التفاعل الايجابي الكبير من قبل عموم المواطنين مع هذه التوجهات، التي يرون فيها تفعيلا حقيقيا للكثير من المبادئ والقيم التي يتطلع الجميع لتحقيقها. هذه التوجهات ينبغي فعلا أن تدعم وتتواصل من قبل الجميع، عبر إبراز مختلف القضايا المطروحة في المجتمع، وتناولها بصورة واضحة وموضوعية؛ كي نعمل جميعا على معالجتها للخروج من بوتقتها إلى آفاق الرقي والتقدم والازدهار.