آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

ملفاتنا الصحية التغيير الصادم

ليلى الزاهر *

باشر الطبيب في تصفّح ملف مريضه قائلا: هل تأخذ أدوية السكر بانتظام أجابه المريض: لكنني لستُ مريض سكر. وكما حدثني صاحب هذا التحدي كان الأمر صادما بالنسبة للطبيب إذ تغيرت أرقام القراءة عنده، لتحسّن وضعي الصحي. لقد بدأت قصتي مع منظم السكر في مركز الرعاية عندما أخبروني بارتفاع السكر في دمي وضرورة شرب المنظم. تعايشت مع الحدث وقررتُ ألّا أُلقي أدواتي على الأرض مستسلمًا للمرض مادام في بدايته.

آمنت أن التعايش مع الواقع بأسلوب ديناميكي يكسب الإنسان تغييرا إيجابيا، ويترك خلفه أسرابًا من الإضاءات تُضيء سماء أصحابها. والإنسان بطل يمتلك قوة تسعفه في كل الأوقات.

وخوف صاحبنا لم يكن من المرض بحد ذاته وإنما كان خائفا من حياة يُنغّصها الألم، وتذروها رياح الندم. لقد تغيرت أنماطه الحياتية بأكملها لقد بدأ برحلة تحويل الغذاء الذي يأكله لطاقة حركية.

وبأسلوب حياتي جديد قطع الكربوهيدرات المعقّدة وجميع أنواع السكريات واتّجه للغذاء الصحي

واستخدم الرياضة كعامل مساعد لتحفيز استهلاك السكر. ولأنه أدرك المضاعفات التي يخلّفها مرض السكر واجه رياحه العاتية مثل أعواد البامبو التي تتفادى العواصف، فتنحني لها خوفا من انكسارها، ورفض أن يكون «عَليلُ الجِسْمِ مُمْتَنِعُ القِيَامِ»

وأخيرا وصلت رسائله إلى وجهتها المقررة بسلام حاملة بشائر الانتصارات. وللأسف نحن لاندرك من طيّات الألم إلا ظاهرها ونغفل عن باطنها الذي يُحوّل الأمنيات إلى شيء مذكور.

أما عناوين الوهم التي يركض الإنسان خلفها دون جدوى هي نِتَاج المنطقٍ المخالف للواقع والذي نرفض أن تكون صحتنا في سياقه. إذ لايجدر بنا الحديث عن صحتنا المخالف لواقعنا.

لذلك كان لزاما على الإنسان أن يمتلك تنظيرا قويّا للحصول على السلامة العامة بثالوثها: السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية وخير من يمثل ذلك نبي الله موسى عندما وصفته إحدى الفتاتين على ضوء قوله تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ سورةالقصص «26»

لقد عرَّف العالِم «يركنز» الصِّحة بِأنَّها «حالة من التَّوازُن النِّسبي لِوظائف الجسم المُختلفة، وتنتج من تَكيُّف جِسم الإنسان مع العوامِل الضَارّة الَّتي يَتعرَّض لها»

وحقيقة الأمر أن القوة الجسدية تأتي من الصحة السليمة والعقل المنسجم مع الأحداث، والمرونة الاجتماعية في التعامل مع الآخرين وهذا مافسرته ابنة نبي الله شعيب على الأرجح

قائلة: «أما قوته فما رأيتُ من علاجه ما عالج عند السقي على البئر، وأما الأمانة فما رأيت من غضّ البصر عني»

والمؤمن قوي لايهزمه مرض يناضله بأمل، يمشي بدائه ما مشى به ويجذب أسباب القوة إليه. يقول الرسول الأعظم ﷺ:

«مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها لا يفيئها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة».

متعكم الله بالصحة وألبسكم لباس العافية وحفظكم من كل سوء.