آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:36 م

شَاورْ حكيمًا ولاتعصهِ

ليلى الزاهر *

‏‎الرأي السديد مِضياف لصاحبه، يُلبسه أجمل حلية، يرتقي به نحو مجالس الحكماء ويعليه مراتبًا في القلوب.

‏‎وتظهر مصداقية الرأي وقوته في المواقف التي تتصاعد فيها الحاجة إلى حلٍّ يُرسي القواعد في مراسيها الملائمة.

‏‎إن مشاركة الآخرين الرأي إضافة للعقول ولا أدلّ على ذلك من سيرة الرسول الأعظم ﷺ فلم يعرف زمانه قائدا يحمل بصيرة نافذة ولبًّا راجحًا مثل رسول البشرية ﷺ.

‏‎إذ كان حديثه وحيًّا يوحى مصداقا لقوله تعالى:

‏‎ «ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏. وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى‏» ‎ «النجم: 2,3,4»

‏‎وبالرغم عن ذلك فقد أشرقت صفحات التاريخ الإسلامي بالإضاءات النبويّة التي جمعتْ بين قامته الشريفة ومواطن متباينة لاستشاراتٍ أخذ فيها الرسولُ الكريم رأيَّ صحابته والمقربين منه في الأمور السلميّة والشؤون الحربيّة.

‏‎ولايخلو البلاط الملكيّ في جميع العصور من مستشار يقدم العون ويُسدي النصح للسلطة المالكة.

‏‎وقد رصدت كتب المماليك والخلفاء سيرة المستشار رجاء بن حيوة الذي أجرى الله تعالى على يديه الكثير من مُجريات الخير في عهود مختلفة في العصر الأموي إذ رافق عدد من خلفاء ذلك العصر وأحسن النصح والمشورة لهم. وقد كان ذلك العالم الربّاني سببا في عقد الخلافة لعمر بن عبدالعزيز بعد وفاة الخليفة سليمان بن عبدالملك.

‏‎وخلاصة القول:

‏‎إن الرأي الصادق له قوة جاذبة، ويظهر صدق صاحبه في أقواله المحتشدة حبّا لك

‏‎‏حتى لو أشار عليك بأن نجوم السماء سوف تقع عليك ستصدقه بلا شك!

‏‎من جهة أخرى على كل إنسان تحمل مسؤولية وزْر رأيه الذي سوف يؤذي به الآخرين كالذي يتغنى بتقديم وصفة طبية عارية من المصداقية، وتعتمد على التأويل والاحتمالية مما يتسبب في إيذاء غير مقصود للناس.

‏‎لذلك“أعطِ الخبز لخبازه ولو أكل نصفه”

‏‎ولا أجدر من رأي يُتّبع مثل رأي الشيوخ أصحاب الحنكة والخبرة. وقد مدح العرب القدماء آراءهم فقالوا:

‏‎ «عليك برأْي الشُّيُوخ فقد مرَّت على وجوههم عُيُون العِبر، وتصدَّعتْ لأسْماعهم آثارُ الغِير»