آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

عندما يتباهون بالحبّ

ليلى الزاهر *

الحبّ قوةٌ والتّصابي له واجبٌ ، لأنه يظلّ فتيّا في قلوب المحبين ولن يشيخ أبدا مادام الوفاء يرافقه . كما أجمع علماء النفس على أنّ من أحبّ شيئا أكثر ذكره لذلك تظهر عليك ملامح الحبّ ويظهر اسم حبيبك جليّا في حديثك حتى لو كنت على خلاف معه ، فخلافات المحبين تجديد عهدٍ بالحبّ .

ليس احتقارا ولا سخرية بالمشاعر ، وليست هي سِهام نغرسها في أجساد المحبين إنما هي نظرة خاطفة على حالات العشق التي تتصدّع بمرور زمن قصير من ولادتها .

وليس من السهل إراقة دماء المشاعر في صورةٍ تُنشر ويوضع أسفلها كلمات قابلة للحذف يوما ما .

لذلك نسمع صدى أصوات البعض يُردد:

‏توقفوا عن الحبّ الزائف الذي يوثّقه «snap chat» في كل لحظة لأن الحبّ الحقيقي ينعم في القلوب ويتوارى خجلا عن الظهور ، ويرفض التباهي به !

إن البعض لايحبذ توثيق مشاعره من خلال صورة يتداولها الجميع فتصبح مثارَ جدلٍ أو محطّ إعجابٍ أوربما تكون محلّ تفاوض على الصدق والكذب . ولو كانت بداخل صندوقها لكان الأمر ادعى للحفاظ عليها من التّمزّق بالقيل والقال .

وفي نهاية مطافها تغزوها حمّى الارتياب والشكوك الصّارخة . هذه رحلتها خارج صندوقها .

لذلك كثيرا ماتظهر لنا في سماء الحبّ قِيمًا ساميةً تختلف في منظورها عن لحظات «snap chat» السريعة ويتمّ توثيقها في دواوين القلوب كما وصفها كُثَيِّر عزَّة حينما قال :

إنّ المُحبّ إذا أحبّ حبيبه

صدَقَ الصّفاء وأَنْجزَ الموعودا .

وكأنّ شاعرنا أشار إلى سمات الحب الحقيقي الذي غاب بضبابية عفويّة

عنّا ليظهر فجأةً في عيد الحبّ بعد سبات طال رقوده فيه.

وبعيدا عن التّصنّع والإحساس بالحاجة الجسديّة يزهو الاهتمام بالحبيب كعطرٍ فوّاح يُنعش حياة المُحبين ، ويظهر مترجمًا الحب بأسمى صوره .

الاهتمام هو طريق استمرارية الحبّ بين المحبين ؛ فكلما زاد حبنا لبعضنا زاد خوفنا من الإساءة لمن نُحبهم وزاد اهتمامنا بهم في كل شيء ، وجاءت المواقف مرآة تعكس ماننظمه من قصائد غزليّة في شأن الحبيب .

يقول أحدهم:

يعجبني في زوجتي اهتمامها بكل صغيرة وكبيرة في حياتي بملابسي ، وبمظهري وحتى طريقة تصفيف شعري فأعيش ملكا بين يديها . ولكنني لا أنسى باستمرار مشاركتها هواياتها وتربيتنا لأولادنا سويّا فيمرّ علينا عيدُ حبّ كل يوم ، ونقتطع من الأيام أعياد حبٍّ تتكرر على موائد العاشقين .

‏⁧ وكما يكون للحبّ أشكالا صحيّة معافاة من الأسقام فإن أشكاله المؤذية تصرع الإنسان دون رحمة حينما تعكّر الإنانية البغضاء صفحته النقية فتسقطه في حفر اللامبالاة . إنّ الأنانية مثل ريح الصحراء تُجفف أوراق الحبّ ، ويُولد الشقاء من رحمها وتضيع جميع روابط الحب في خضمها .

وهل لنا أن يمرَ عيد الحبّ ولانتذكر وفاء قيس بن الملوّح لحبيبته الذي ظل إرثا يتناقله المُحبون وهو القائل:

ألستَ وعدتني يا قلبُ أني .

إذا ما تُبتُ عن ليلى تتوبُ ؟

فها أنا تائبٌ عن حبِّ ليلى .

فما لكَ كلَّما ذُكرت تذوبُ ؟