آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

من مهام كورونا الأخرى

ليلى الزاهر *

إذا كان من ضمن مهام كورونا حَصْد مئات الآلاف من أرواح الناس والوصول للمليونية، فقد خلق كورونا واقعا افتراضيا جميلا جعل الناس يُحبّون الحياة ويلوذون بالانفراد كرجال فكرٍ وفلاسفة صوفيين يستغرقون بالتّأمل واكتشاف الذات.

إنّ معركتنا مع كورونا مازالت مستمرّةً ولم تبدُ علينا بعد علامات الإخفاق بل كلّ يومٍ نسجل انتصارات إنسانية جميلة.

ففي بلادنا:

تحوّلت المدارس إلى مساكن للعمالة، وقُدّمت لهم أفضل الخدمات العلاجية في أجمل لمسة إنسانية احتوتهم برعاية واهتمام وهم بمنأى عن وطنهم وأهلهم.

كما تمّ تطبيق لائحة اشتراطات سكن العمالة المعتمدة من وزارة الشؤون البلدية والقرويّة، الذي نرجو استمرارية العمل بها وكأنّ كورونا أعاد ترتيب الهيكل التنظيمي الحياتي للعمالة بكونهم جزءًا من حياتنا.

وفي غير بلادنا:

تفاجأتُ اليوم من أن بعض الدول الكبرى صرّحت بأنها لاتستطيع علاج المقيمين بها واكتفت بعلاج مواطنيها على الرغم من كونها قوة اقتصادية كبرى.

في بلادنا:

تجسّدت جميع مفردات الخير وأخذت تُلاحق الضعفاء ومنكوبي كورونا وتمدُّ جسورا رائعة من التلاحم الاجتماعي الراقي حيث وقف الإنسان بجانب الإنسان في أحلى منظومة إنسانية راقية.

هذا الحدث يعود بي للخلف قليلا عندما صرّح - مؤسس الحركة الفكرية التجديدية الإسلامية في مصر - الشيخ محمد عبده بمقولته المشهورة أثناء زيارته لأوروبا: ”رأيت في أوروبا إسلاما بلا مسلمين وفي بلدنا مسلمين بلا إسلام“

مما يجعلني أقف في التيار المعاكس لرأيه وأُنصف هؤلاء الذين تجمّلوا بالرحمة وسكنتهم الإنسانية منذ أزمنة بعيدة لأنهم عرفوا الخير من أبوابهم المشرّعة، ومن أياديهم البيضاء التي ساعدت المحتاجين ويكفيهم فخرًا أنّهم المحمديون عقيدةً ومنهاجًا منذ عهود قديمة.

يقول الله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

فهل كان كورونا حجر الزاوية في معرفة سمات المسلم الحقيقي؟ وهل أظهر كورونا معدنه الثمين؟

وللإجابة عن ذلك لابد أن نعرف حقيقة مهمة وهي أنّ تعليل الرسالة المحمدية جاء تقويميّا للإنسان بدرجة كبرى، ولم يُغلّب الجانب العبادي فقط لذلك فقد أثبت نجاحه بمقارنته بالأنظمة الوضعية كالرأسمالية والاشتراكية.

يقول الرسول الأعظم ﷺ: «ألا أخبرُكم بأحبِّكم إليَّ وأقربِكم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ فأعادها مرَّتَيْن أو ثلاثًا قالوا: نعم يا رسولَ اللهِ قال: أحسنُكم خُلقًا»