آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 9:58 ص

شكرٌ بوزنٍ ثقيل

ليلى الزاهر *

الشُّكر في اللغة: مصدرٌ سماعي للفعل شكر . وضده الكفر والجحود.

وفي معجمي الخاص أراه اللسان الناطق بالثناء ، والصفة الجامعة لمختلف الفنون الكلامية الجميلة ، وتحت صفة الشكر تندرج آداب إسلامية راقية.

ولايجيد اللغة الشاكرة إلّا من نشأ في بيئات انبعث منها شذا الأدب الإسلامي ، وافتتن بالحوارات الراقية التي تحمل سيلًا هادرًا من الاحترام والتقدير للرأي الآخر.

وزمن الجائحة زمنٌ يفيض بعبارات الشكر للكثير من حولنا فهناك أبطال الصحة الذين طالتهم الجائحة وأصابتهم في أبدانهم فلزم بعضهم المشفى ومازال البعض يجاهد ، فأيّ كلمات شكر تفي بحقهم؟

وهناك الأطباء الذين رحلوا من الحياة فكانوا ضحايا لهذه الحرب الشرسة ، فالشكر يعجز عن احتواء ماقاموا به إذ كان ثمنه فقد حياتهم.

من جهة أخرى علّمتنا هذه الأيام العصيبة شكر بعضنا البعض بوزن ثقيل فغرسنا قيمة الشكر في نفوس أطفالنا من حيث لا نعلم ، وسلكنا مسلك الشاكرين ليقتدي بنا أبناؤنا.

فحينما أشكر طفلي على حسن صنيعه لن يخجل من تقديم واجبات الشكر لمن يستحقه عندما يكْبر.

وعندما تشكر الزوجة زوجها لدخوله عالم المطبخ بجانبها فهي تشجّعه وتغرس فيه حب التعاون غير المشروطِ بعيدا عن الواجب أو المستحب.

وعلى الرغم من أن الجميع يعرف بأنّ الأعمال المنزلية ليست بالفرض الواجب على المرأة إلّا أنّها تُعدُّ منصميم الأنوثة والأعراف الجميلة. فكم من علامات الفرح والسرور ترتسم على ملامح المرأة عندما تُسْعد زوجها وأسرتها بمائدة رمضانية جميلة وتتلقّى عبارات الشكر الممزوجة بالحب والامتنان منهم.

إن ممارسة ثقافة الشكر ونشرها بين أفراد الأسرة وسيلةٌ لكفّ الخلافات والنزاعات ، وبناء فكرٍ سليم للأبناء ، كما يندرج شكر الآخرين تحت بند السلوكيات المفروضة عُرفًا أو ما يعرف بمسمى بالإتيكيت «Etiquette» إذ يشدد المربون على إدراجه ضمن القواعد التي يجب الالتزام بها أثناء التعامل مع الآخرين.

ومن اعتاد على أن يشكره من حوله لن يخجل من تقديم الشكر في مُحيطه الاجتماعي والمهنيّ ، ولن يردد تلك العبارات القاتلة للمشاعر مثل: أخجل من شكر زوجي ، أو أخجل من حضن أبنائي.

إن للشكر قوة كبرى ، لأنه بوابة لمعانٍ عظيمة تعمل على تحريك المشاعر الجميلة بداخلنا وتخلق هالة من الحبّ والتّناغم في الوسط الاجتماعي.

«شكرا جزيلا» عبارة تدنو من القلب ، وتقترب من المشاعر فتداعبها وترفع هرمون نبض السعادة فتُحفّزك للمزيد من العطاء ؛ لذلك لابد أن تُقال بشكل يومي. ومع تعديل طفيف للسلوك سوف نعتادها ، وتصبح نجوما برّاقة في سماء تعاملاتنا الأسرية والاجتماعية. «فلَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ».