آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:42 ص

نمنماتُ رياحِ الطَّفْ على قلبِ عاشقْ «2»

الدكتور أحمد فتح الله *

«11» خُذْ رَضِيْعَكْ

- خُذْ رَضِيْعَكْ... كَي يَسْقُوهْ...
   سَيْقْتُلُهُ الْعَطَشْ.
- لَا لَنْ يَسْقُوهْ.
   هُمْ إِلَى دَمِهِ أَظْمَأْ.
- خُذْهُ لَهُمْ... لَعَلَّهُمْ...!!
- أَعْرِفُهُمْ... لَنْ يَسْقُوهْ.
   لَيْسَ أَقْرَب مِنِّي إِلَى ”مُحَمَّدْ“.
- هُوَ نَبِيُّهُمْ!!
- كَانَ قَبْلَ أَنْ يَرْحَلْ.
- هُمْ عَرَبْ!!
- كَانُوْا. قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ ”عَلِي“.
أَلَحَّتْ.
وَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهْ...
سَادَ صَمْتٌ لِبَعْضِ أَنْفَاسْ...
تَحَدَّثَ فِيْهِ الدَّمُ مَعَ السَّمَاءْ...
- هَاكِ خُذِيْهْ....
  ”نَفَذَ السَّهْمْ“.


«12» اسم فاعل

كَانَوْا تَحْتَ ”الْكِسَاءْ“ خَمْسَةْ...
بَقَى وَاحِدْ.
حِيْنَ خَرَجْ...
قَالُوا: ”اُقْتُلُوْا الْخَارِجِيّ“
قتلوهْ...
وأحرقوا ”الكِسَاءْ“،


«13» وَفَاءُ الرُّوحْ

حِيْن رُفِعَ الرَّأَسُ عَلَى الرُّمْحْ...
زغردتِ وحُوشُ بَنِي أُمَيَّةْ
بَعْضُهَا كَبَّرْ...
بَعْضُهَا ”صَلَى عَلَى النَّبِي مُحَمَّدْ“!!
جدِّ هذا الذَّبيحْ.
بَيْنَ النَّشْوةِ واللَّعْنَةْ...
غافلتهم روحُهُ...
انْسَابَتْ إِلَى ”الاِسْمْ“.


«14» القميص

سلبوه كُلَّ شَيْءْ.
تَمَرَّدَ قميصُهْ
فَرَّ غَيْمَةً فِيْ السَّمَاءْ...
كَيْ تُظَلِّلَ عُرَاهْ...
عَمَّ الْكَوْنَ الظَّلَامْ.
طَارَ الْخُنْصُرُ الَأَيْمَنْ المبتورْ...
ثَقَبَها بِظُفْرِهْ...
تَدَفَّقَ الْعِشْقْ
نَسَجَ لَهُ مِنَ الرِّيْحِ أَثْوَابْ.


«15» لا سِتْر لعورةِ البغي

بعد أن قتلوا المظلومْ
جَرَّدُوهُ من ثيابِهْ
فبانتْ سوءاتُهُمْ.


«16»  تعزيَّة خاصة جدًا

في ليلة عاشوراء
قبل النوم... أضع على سجادة صلاتي:
ورقةَ ريحانْ...
ودمعةً حمراءْ...
على منديلٍ أسودْ...
بجانبِ ”التُّرْبَةْ“...
قد لا ”أُبْعَثُ في نهارِ“ العزاء.


«17» لاءاتُ الحسين

⁃ لا أبايعْ...
«مَنْ لا يستحق البيعة»
⁃ لا أُذَلْ...
«وأنا حيّ»
⁃ لا أَنْثَنِي...
«مهما كانت الفائدةُ أو التضحيَّةْ»
** ** **
لاءاتٌ ثلاثْ...
خارطةُ عملٍ لمن عندهُ قضيَّةْ
بلعتها لاءاتُ الخرطومْ
فضاعت فلسطين
وكُلُّ القضايا العربيَّة
والشيعةُ تبكي...
دونَ أن تفهم الحسينْ
والأُمَّةُ تَشْكِي...
دونَ أن تَعِي ما تعني ”لا“ في لغتها...
تحفظ عن ظهر قلب...
أقوالَ النحاة الغابرة...
والمعاجم البائسة.
وترددها كالببغاءْ.
افهموا يا عربْ ”لغة الحسين“!


«18» لغة الحسين

 في العشرةِ الأولى من مُحَرَّمْ...
أخلو مع الحسين
لا لأبكي...
بكائي لا يحتاج خلوةْ...
ولا مُهَيِّجَاتْ...
بل لأتأملَ الأحداثْ...
والمفرداتْ.
وَأَتَعَلَّمْ
فأنا في مدرسةٍ
ليست كباقي المدارسْ
والجامعاتْ.
بِلُغَةٍ تجمعُ كُلَّ المذاهبْ
واللغاتْ.
فيها ”الْعِبْرَةُ“ و”الْعَبْرَةْ“...
أخواتٌ متلازماتْ
فيها ”الْإِبَاءُ“ و”الْوَفَاءْ“...
مفرداتٌ تحملُ ”الحيَاةْ“.
فيها ”الْإصْلَاحُ“ مَشْرُوعُ الْإنْسَانْ
والْعُمْرُ يُعَدُّ بِأنُوَاعِ ”الْعَطَاءْ“
لا بعددِ السِّنينِ أوْ طُولِ الزَّمَانْ.
فيها ”لا“ ليست للنفي والنهي
”لا“: أولُ ”كلمةْ“
في ”شهادةِ الإسلامْ“
بها تكون ”بيعةُ اللهْ“
ويَصِيْرُ نَاطِقُهَا واحِدًا مِنَ المُسْلِمِيْنْ.
”البيعةُ“ عقدْ... وفَاؤُهُ عهدْ...
هكذا فهمها الإمامْ.
بَعْضُ الكلماتْ
”قلاعٌ شامخةْ“
”يعتصمُ بها [النُّبَلَاءْ]“
اسألوا ”الشرقاوي“
عن ”الكلمة“ في معجم الحسين.


«19» قَتَلُوهُ... ولَكِنْ

غادرَ القتلةُ أرضَ المجزرَةْ...
جاءَ ”أهلُ القُرَى“...
لملموا الأشلاءَ المبعثرَةْ...
جمعوا الأجسادَ الطاهرَةْ...
لَمْ يجدوا بينها الحسين...
دفنوها.
بحثوا عنهُ...
وجدوا رُمْحًا مَرْكُوزًا في الأرضْ...
عَلَى سِنَانِهِ وَرَقَةْ...
وجهها جهة الشرقْ...
كزهرةِ دوارِ الشَّمْسِ في الصباحْ...
فيها بخطِّهِ ودمِهْ...
”سَأَعُودْ“.


«20» استشراف مجد*

أخذتْ زينبُ رُمْحًا مُلْقًا فوق جثةْ
رسمتْ به خطين على التُّرَابْ
غرزتهُ بينهما بقوةْ
غاص ثلثُه وتوقفْ...
كأنه تلاقى والقرار ْ...
صرختْ: ”هُنَا“.
”سِرٌ“ أخذ ينمو سنواتْ
حتَّى انبثق صرحٌ
صار مقامًا للمجدْ
ومزارْ.
وكُلُّ مُحَرَّمْ...
يحتفلُ ”القَتِيْلْ“
بالانتصارْ...

 

تاروت - القطيف