آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الذاكرة الفسيحة

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

صيرورة الحياة وقانونها الكوني يحتمان علينا الإيمان بأن هناك أشياء تولد وأشياء تموت، وأشياء انتهت وانقرضت وأشياء في سبيلها للانقراض، وأخرى في طريقها للتحول، ولو تتبعنا التاريخ سنرى أمثلة كثيرة، ولكن ما الذي تُجمع عليه الإنسانية؟، ومن ناحية أخرى كيف يمكن أن نجادل في فضاء الحقائق وهل كل ما توارثناه وقرأناه في الكتب حقيقي؟، هل فعلاً تعرضنا لخديعة من التاريخ؟، وهل كل ما وصل إلينا كتابةً وشفاهة صحيح وغير مزور ونقل الواقع كما هو في حينة بحيادية؟.

الأكيد أن المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، واستخدام الإنترنت كان من أهم تلك المتغيرات الثقافية في العالم، فقد جلبت من حاضر الناس مشاهد من مستقبلهم، وبفضل النت والتي أصبحت ذاكرة العالم والمصدر الكبير المفتوح، والمنتجات الثقافية التي لا تخضع للتمحيص والتدقيق لم يعد شيء حصري، أصبح كل شيء شائعا، هذا الشيوع يُعد تحديا مضاعفا للتاريخ، فالكل مشارك في كتابة التاريخ، والنقلة الرقمية التي نعيشها قد تغير وظائف كثيرة كذلك علاقة الأشياء ببعضها، كل شيء متغير ومتحول في العالم والذي يستدعي البحث عن طرائق مختلفة وأفكار جديدة للتعامل مع هذا التدفق الكبير، لذلك لا بد أن نوضح أن الحاجة إلى البحث والتقصي ضرورة، وفي نفس الوقت أخذ أي معلومة من الإنترنت وكأنها من المسلمات يعتبر نوعا من العبث، ولكن ماذا يجب أن نفعل أمام السيل المتدفق من المعلومات التي تأتي إلينا من كل حدب وصوب، هل يتطلب هذا إقحامنا داخل إشكالية الواقع والحقيقة؟.

الجميل في هذا العالم الافتراضي أنه مجال خصب لدراسة الشخصية الإنسانية، وغالباً متابعتك للآخرين وأفكارهم وتصرفاتهم قد تفهم سلوكهم على نحو جيد، وتأتيك إجابات لأسئلة كانت كسيحة الأطراف، ما أجمل التقنية عندما تُسقِط الأقنعة العقلية والعاطفية وتُعري الإنسان أمام نفسه وأمام الآخرين، فهذا العالم الافتراضي الموازي حكاياته مختلفة وناسه مختلفين وأخباره متعددة، هل نحن نتعامل مع هذا العالم لأنه مهم فعلاً مما جعل الكثير يدمنون تواجدهم هناك، ألا تحسون بالحزن عندما ترون الأطفال هناك في مواقع التواصل يثرثرون، يلعبون ويطلّعون على كل شيء دون رقابة، كيف نحمي أطفالنا ليتوافقوا مع عالمهم الواقعي، ففي هذا الفضاء المفتوح على كل شيء، ما الذي نستطيع أن نقدمه لأطفالنا فعلاً ودون مثاليات، ماذا أعددنا لهذا التدفق المعلوماتي الذي يخترق العقول ويشعل حرائق الحيرة. في عالم الإنترنت هناك الجريمة، العنف، الانحراف، الإرهاب، والتربح التجاري، والتضليل السياسي، كيف يمكن أن نبقى صامدين أمام كل هذه الاختراقات، والسؤال الأهم: ماذا قدمنا لحماية عقول شبابنا، وكيف هي مساهمتنا في المحتوى الرقمي العربي؟ الأكيد أن بشريتنا الجديدة في المجتمع الشبكي أصبحت مشتركة جداً ومليئة بالبدع، والأيديولوجيات الفكرية، والتنوع الثقافي، ما جعل الأمور تصبح أكثر تعقيداً فهذه التكنولوجيا، الإنترنت أصبحت مولدة للكثير من المشاكل والحلول في آن واحد، الواقع أننا قيدنا أنفسنا بوضع خرائط تفصيلية نتبعها في طريقة تواصلنا مع الآخر، أيضاً نحن عاجزون عن التواصل مع هويتنا والأكيد أننا نذوب في الآخر بسرعة هل السبب هشاشة ما لدينا أم غياب الخيارات؟.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 10 / 10 / 2020م - 7:03 م
تدوين أحداث التاريخ بعضها يتم بأيدي أمينة وأخرى يتم خلاف ذلك. التدوين في السابق والحاضر لم يتغير وإن تغيرت الأداة، لعل الأمر أكثر صعوبة في عملية التزوير، لكن الأداة أيضاً تم تطويرها بما يتناسب مع طريقة التزوير، وهو محاولة إثبات وقائع خلافاً للواقع.
أما مسألة متابعة الأطفال في الوقت الحاضر فهي مسألة أخرى، لكن يمكن القول أن سيلاً جارف في صورة حرب ناعمة ذات أهداف مشبوهة تستهدف الناشئة، تستلزم مكافحة جادة ..!!..