آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:48 م

الاكتناز القهري

عبد الرزاق الكوي

كل شخص توجد لديه بعض الأشياء العزيزة على قلبه والتي يصعب التخلي عنها بسهولة لما تحمل من ذكريات عزيزة من تحف وهدايا، وكذلك هوايات مفضلة مثل جمع الطوابع وغيرها من الهوايات، إذا أحسن ترتيبها وتنظيمها خرجت بالشكل الصحيح، وهي في العادة أشياء جميلة وقليلة ومحدودة الحجم، ولكن الخطر هو ان يتعدى ذلك الى جمع الأشياء المختلفة اكوام من صحف ومجلات وأثاث وأجهزة وأدوات كهربائية وسباكة ومتعلقات بالسيارة وغيرها من المقتنيات حيث يعم المنزل حالة من الفوضى إذ يمتلئ بالأشياء المكدسة والمتراكمة ويصبح المكان ضيقا وغير صحي وبعيد عن السلامة وصعوبة في الوصول إلى الحاجة المرغوب استخدامها لكثرة المقتنيات ونسيان مالدى الشخص من اغراض لكثرتها، وأكثرها ليس لها قيمة مادية وتحتاج إلى جهد في ترتيبها وتنظيمها وتحفظ عشوائيا مما تشكل خطر عند حدوث اي مكروه.

الاكتناز أو الإفراط في تكديس الأشياء درجات بين المتوسط والحاد وهو بعيد كل البعد عن مجرد تعلق بالأغراض القديمة أو تجميع غرض معين بل إذا زاد عن حده يصبح مرض نفسي ونوع من أنواع الوسواس القهري حيث تسيطر المخاوف أو الوسواس على المريض، ويصبح خوفه وتوتره المفرط من جراء ذلك بالتأثير على سلوكه.

فالاكتناز يحرص فيه المبتلى بهذه المشكلة أو المرض النفسي على الاحتفاظ بكل صغيرة وكبيرة صالحة يمكن استخدامها أو عديمة الفائدة يتم تخزينها حتى تتراكم بشكل فوضوي وبيئة غير صحية، يعاني فيها المكتنز من القلق والخوف وعدم القدرة على اتخاذ القرارات حيث يفشل المصاب بهذا المرض من التخلي عن هذه الأشياء بسبب القلق الناتج عن فكرة فقدانها واحتمال الحاجة لها مستقبلا، وأكثرهم لايدركون الأثر السلبي لتكديس الأشياء المبالغ فيه على حياتهم، وان هذا الواقع ليس طبيعيا ويدل على شخصية مضطربة، والعديد من المصابين لا يعرفون ضرر هذا المرض فهم لا يسعون للعلاج وتغيير واقعهم الى واقع افضل في أماكن نظيفه وحالة نفسية سوية.

بنظرة بسيطة في ارجاء المنزل سيشاهد المطلع العجب العجاب في كل ركن من أركان المنزل تكدس الأشياء، تختص غرف النوم بالملابس القديمة والمقتنيات الخاصة من أحدية وإكسسوارات وعلب العطور وأدوات التجميل ولا أمل باستخدامها لانتهاء موديلها او غير مناسبة ويمكن تغير مقاس الملابس وهي على حالها، والمطبخ يختص ببقايا الاجهزة وأدوات الطبخ ومتعلقاته والثلاجة تزخر بكثير من الأدوية التي انتهت صلاحيتها وبعضها يجب استخدامه بوصفه او عدم استخدامه بعد فترة من فتحه، لو عمل جرد لتخلص من الكثير غير المستخدم ويمكن اعطاء بعضه الصالح للمحتاجين بدلا من عدم الاستفادة منه ويأخذ حيز يمكن الاستفادة من هذا الحيز، اعلى الدواليب وأسفل الاسرة لها نصيب من التكديس بطانيات قديمة وشراشف اكل الدهر وشرب عليها، مرآب السيارة تتجمع فيه بقايا الأدوات الكهربائية والسباكة وأغراض السيارة وبعض الدواليب القديمة وأدوات الزراعة، اما اسطح مرآب السيارة توجد بقايا من الدراجات الهوائية وألعاب الأطفال وقطع من الأخشاب والحديد، اما سطح المنزل فقد خصص الى انواع مختلفة من البلاط والسراميك والساخانات التالفة والمواسير من بقايا اعمال سابقة وأصباغ، اما تحت الدرج تجد فيه المجلات والصحف والكتب المدرسية، وخليط من الأشياء المستعجل في تخزينها كأقرب مكان، وتوجد متفرقات في المشايات والموزعات والادرج والطاولات المكتبية.

كثير من تلك الأشياء المخزنه بعضها ينتهي مدته بدون معرفة وقت انتهاءه، او انه قديم غير صالح للاستخدام او عدم الحاجه له مستقبلا أو انتهى موديلها، مما يشوه كثرة التكديس جمال المنزل وينقل صورة عن شخصية ساكنيه.

كذلك تشاهد عندما تركب بعض السيارات وكأنك تدخل في مستودع من كثرة الأشياء التي ليس من المفترض وجودها في السيارة من أكواب وفواتير وعلب المحارم وبعض الأغراض الشخصية يصل الحال الى وجود ملابس وغيرها في ظاهرة غير حضارية تنافي النظافة وتنقل صورة غير جيدة عن الشخص.

كل تلك البيئات تشكل مكان لتجمع الغبار والبكتيريا والحشرات والجرذان والصراصير والعناكب وإعاقة التهوية وتوجد صعوبة بالغة في تنظيف المكان خصوصا اذا تراكمت الأشياء منذ سنوات.

فالمصاب يعيش في صراع نفسي مرير عندما يقف في مواجهة هذا الكم من الأشياء، يصاب بكرب وتردد لدى محاولته التخلص من تلك الأغراض والممتلكات، يجهز بعض الأشياء للتخلص منها ثم يتراجع، واذا تخلص من يعض الأشياء يعم الحزن والقلق بسبب السماح لنفسه بارتكاب مثل هذا الفعل المصيري والتخلص من تلك المقتنيات.

يحتاج المصابين بهذا الداء الى الإرادة والتشجيع والحث والإقناع ان ما يحصل وصل الى درجة غير مقبولة تصل الى حد المرض، ومساعدته من التخلص من الزوائد،

لانها لن تستخدم مستقبلا وأن بقاءها ينافي الصحة ويعرض سلامة الجميع للخطر، فلابد بين الحين والآخر التعود تدريجيا على التخلص مما لا فائدة ببقاءه لتلفه او عدم إمكانية الاستفادة منه ووجوده يشكل فوضى.

تحتاج بعض المنازل الى حاويات من اجل التخلص من الأشياء المكدسة، فكم من الأغراض يتفاجئ المكتنز باشياء نسيها ولا يتذكر انها موجوده، وكان من الأفضل التخلص منها مسبقا.

يحتاج بالبدء حالا بفرز الأشياء الجديدة والمتأكد من فائدتها للاستعمال وصلاحيتها، والتبرع بما يمكن التبرع به، أو بيع ما يمكن بيعه، ليفكر الانسان مليا بإدارة اغراضه وماله عند الشراء بالتريث والتفكير ما سوف يتم تكديسه مع وجود الجديد، ومقاومة الرغبة في الشراء والتكديس.

إقناع المريض أن أجيال من الموديلات تظهر هي أفضل وتناسب المرحلة التي سوف تستخدم فيها.

الحالة تحتاج قرار صائب وحازم ان يخطوا الخطوات الأولية عازم على الانتصار على الذات والتخلص من عادة اذا لم تكن مرضا فبالتأكيد تسبب أضرار وتنم عن شخصية غير سوية.