آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

”مكافحة الفساد“.. الفعلُ المستمر!

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

رسائل إرشادية عديدة، تبعثها ”الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد“ في السعودية، عبر الهواتف المحمولة، تحث فيها المواطنين والمقيمين على التبليغ عن قضايا الفساد التي يرصدونها، بهدف متابعتها، والتثبت من حقيقتها، ليتم توقيف المتورطين والمشتبه بهم، ويقدمون إلى القضاء، الذي هو المعني بالحكم عليهم، بعد إتمام التحقيقات.

”نزاهة“ التي تسعى لتعميم ثقافة تقوم على مبدأ حفظ المال العام، وعدم استغلال النفوذ، والفصل بين المنصب الإداري والأطماع الشخصية، لا يمكنها أن تقوم بمهامها وحدها، مهما بلغت من قوة، ومنحت من صلاحيات، ما لم تكن ”مكافحة الفساد“ جزءا أصيلا من الثقافة العامة لدى المواطنين والمقيمين، وبالتالي ينشأ رأي عام عريض، ممانع لثقافة الرشاوى والمحسوبيات والانحيازات القائمة على أسس عائلية أو قبلية أو مناطقية أو مذهبية؛ لأن هذه الانحيازات هي جزء من تركيبة الفساد، كونها ستدفع أصحاب المناصب لإيثار المغانم والمكاسب والوظائف لتكون من نصيب من ينتمون لذات دائرتهم، وبالتالي يحجبونها عن مستحقيها ممن هم خارج هذه الدوائر الأقلوية الضيقة.

”أندية نزاهة“ مشروع طموح، يسعى لأن تكون ثقافة سيادة القانون، وحفظ المال العام، والعدالة، وتكافؤ الفرص.. جزءا من الأفكار التي يتشربها الطلاب في المؤسسات التعليمية، وهي فكرة جديرة أن يتم الاهتمام بها، والعمل على جعلها ضمن مشاريع حديثة، وأنشطة جذابة ومتنوعة، تفاعلية، تلامس هواجس الطلاب عن المعضلات التي تواجههم بسبب ”الفساد“، أو يخشون أن يصطدمون بها مستقبلاً، سواء أثناء الدراسة أو بعد التخرج والدخول إلى سوق العمل.

إن من الأمور التي تخلق مزاجاً سوداوياً بين الطلبة وهم في جامعاتهم أو المرحلة الثانوية، هو شعورهم بوجود نوع من عدم العدالة في الفرص، وهو ما يؤثر مباشرة على تحصيلهم العلمي، ويقف حائلاً أمام تحقيق طموحاتهم.

هذا الشعور مرده ما يواجهونه من مشكلات، قد تكون بسيطة أو صغيرة، لكنها تتراكم، وتكون بمثابة الثقل الذي لا تقوى أكتافهم على حمله، فتقود بعضهم إلى عدم إكمال الدراسة، أو الإحباط، أو البطالة، وصولاً في بعض الحالات إلى العنف والتطرف.

من هنا، أنشطة نوادي نزاهة، يجب أن تعمل مع إدارة الجامعات والكليات والمعاهد العلمية، على ترسيخ قوانين أكثر شفافية، وعدالة، ومرونة، تجعل مبدأ تكافؤ الفرص هو الأساس، وتقدم أجوبة علمية ومقنعة للطلبة، تشرح لهم أسباب القبول أو الرفض، ضمن لوائح تراعي مصالحهم، دون أن تكون من النوع المتخشب الذي يجعل من القانون وكأنه جدارٌ مصمت، ما يدفع البعض للتحايل عليه عبر الوساطات أو الرشاوى أو التزوير.

إن رؤية المملكة 2030، تضع مكافحة الفساد أولوية لديها، وهي المسؤولية التي يجب أن يتحملها الجميع، خصوصاً أن هذا الفعل سيجدُ تفاعلاً من قبل قطاع واسع جداً من المواطنين، ولن يقف أمامه سوى الفاسدين أو المنتفعين من اقتصاديات الفساد، وهم مجموعة بات الخناق يشتد عليهم يوماً بعد آخر.