آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

القرآن والإبداع في الفنون «2»

محمد المصلي *

تسمية القرآن بالمصحف:

”جاء في الفروق اللغوية: الفرق بين الكتاب والمصحف: أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون أوراق صحفت أي جمع بعضها إلى بعض، وأهل الحجاز يقولون مِصحف بالكسر أخرجه مخرج ما يتعاطى باليد وأهل نجد يقولون مصحف وهو أجود اللغتين، وأكثر ما يقال المصحف لمصحف القرآن، والكتاب أيضا يكون مصدرا بمعنى الكتابة تقول كتبته كتابا وعلمته الكتاب والحساب وفي القرآن: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰبًا فِى قِرْطَاسٍ[1]  أي كتاب في قرطاس ولوكان الكتاب هو المكتوب لم يحسن ذكر القرطاس[2] . وقد جرت العادة على تسمية القرآن بالمصحف“ [3] 

فضل تلاوة القرآن الكريم:

”لقد أولى الله تعالى ونبيه الكريم وعترته الطاهرة اهتماما كبيرا بقراءة القرآن الكريم، وقد وردت عدة آيات وكثير من الروايات داعية إلى قراءة القرآن الكريم، ومرغبة في فضل تلاوته. قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ[4]  وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[5] “ [6] 

كما جاء في أدعية الأيام: دعاء السجاد في يوم الخميس. «اللَّهُمَّ إِنِّي بِذِمَّةِ الإِسْلامِ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ، وَبِحُرْمَةِ القُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ» ومن دعاء يوم السبت: «وَاَنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْري، وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْري، وَتَمْنَحَنِيَ السَّلامَةَ في ديني وَنَفْسي» [7] 

القصص في القرآن:

جمع في هذا الكتاب قصص كثيرة لأقوام ومدن وأمصار وتواريخ أمم وشعوب بعضها لم يبقى من آثارها شيء والبعض دمرت وتركت عبر لغيرها.

”في هذه القصص الكثير من التفاصيل عن أسباب هلاك هذه الشعوب، وعن ما كانوا يتمتعون به من قوة وبأس، وكيف عصوا رسلهم واستحلوا الدماء وعاثوا في الأرض فسادا، وتسرد هذه القصص الصراع الدموي بين هذه الأمم، وتبين مصير هذه الأقوام، والطريقة التي هلكوا بها.“ [8] 

وهكذا فإحدى الوسائل للتربية والتعليم والإرشاد والوعظ هي تلك الأساليب البلاغية لسرد القصص بطرق وأساليب يتصورها العاقل فيجعل لنفسه مساراً وغيّر حياته إلى الأفضل.

”أخبر الله تعالى عن هلاك الأمم الماضية جزاءً على كفرهم ومعاصيهم، نية الذين يرتابون بذلك، فقال ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا[9] “ إذا شاهدوا آثار ما أخبرنا به، وسمعوا صحة ما ذكرناه عمن أخبرهم بصحته من الذين عرفوا أخبار الماضين، وفيها دلالة على أن العقل هو العلم، إلا أن معنى ﴿يَعْقِلُونَ بِهَا يعلمون بها مدلول ما يرون من العبرة، وفيها دلالة على أن القلب محل العقل والعلوم، لأنه تعالى وصفها بأنها هي التي تذهب عن إدراك الحق[10]  ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ[11]  [12] 

لو يتأمل الفنان التشكيلي في كثير من آيات القرآن ليجد فيها من المشاهد واللوحات التشكيلية ما يبهره ويجدد معارفه في الرؤية البصرية الآخاذة.

”التعبير القرآني يتناول القصة بريشة المصور حادثا يقع ومشهدا يجرى، لا قصة تروى ولا حادثا مضى فنشهد أصحاب الكهف يتشاورون في أمرهم بعد ما اهتدوا إلى الله بين قوم مشركين“ [13] 

[1]  سورة الأنعام آية 7.
[2]  الفروق اللغوية: أبو هلال العسكري. ص 447.
[3]  كتاب «مصحف فاطمة» الشيخ مهدي المصلي. ص6.
[4]  سورة المزمل، الآية: 20.
[5]  سورة الأعراف، الآية: 204
[6]  كتاب «أسباب الأخطاء الشائعة» عند تلاوة القرآن الكريم. حبيب بن علي الجبران. ص 17.
[7]  كتاب «ضياء الصالحين» تأليف محمد صالح الجوهرجي. ص337
[8]  كتاب «تاريخ القرى في القرآن» سلمان رامس. ص 11.
[9]  سورة الحج آية 46.
[10]  الشيخ الطوسي، البيان في تفسير القرآن ج 7.
[11]  سورة يوسف آية ﴿109
[12]  كتاب «تاريخ القرى في القرآن» سلمان رامس. ص 10.
[13]  كتاب «التربية الجمالية» علم نفس الجمال. د محمود الخوالدة، د محمد الترتوري. ص 247
الفنان محمد المصلي ـ ناقد فني