آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

القرآن والإبداع في الفنون «3»

محمد المصلي *

التقاء الدين والعلوم الطبيعية:

”في حقل العلوم ذلك الحقل... فقد بحث عدد كبير من الباحثين في التقاء الدين والعلوم الطبيعة ولهذا فسوف أنقل مثالا تاريخيا للالتقاء الديني العلمي، إنك ترى القرآن يتحدث عن فراعنة مصر القدامى وكأنه يحيط بتاريخهم العلمية الدقيق بالرغم من أن وسيلة دراسة تاريخ الفراعنة في أيام النبي محمد ﷺ ومئات السنين قبله وبعده ما توفرت لأحد من المؤرخين“ [1] 

”في هذه القصص الكثير من التفاصيل عن أسباب هلاك هذه الشعوب، وعن ما كانوا يتمتعون به من قوة وبأس، وكيف عصوا رسلهم واستحلوا الدماء وعاثوا في الأرض فسادا، وتسرد هذه القصص الصراع الدموي بين هذه الأمم، وتبين مصير هذه الأقوام، والطريقة التي هلكوا بها.“ [2] 

وأن يعرف المحب لكتاب الله العزيز أنه خريطة للعمل والإنتاج ”وأن يعلم أن القرآن منزل للعمل كما هو منزل للتلاوة فيقرأ قراءة العبد كتاب مولاه الذي كتبه إليه ليتدبره ويعمل بمقتضاه فيشكر الله عند آيات الآلاء والنعماء، ويستعيذ به من العذاب والغضب والانتقام عند قراءتها، ويسأله النعمة عند آيتها، ويحترز من الأعمال التي توجه بها العقاب في اللوم والتوبيخ على فاعليها من أمم الأنبياء السابقة فيتنبه أن ذكر أنباءهم في الذكر لنا لنعتبر به“ [3] 

حفظ القرآن من التحريف:

أثبتت الدراسات القديمة والحديثة أن القرآن مصون من التحريف كالزيادة والنقصان وغيره. ”إن القرآن هو المعيار الأساسي لنسبته للنبي ﷺ الأكرم ثابتة وأحاديث النبي ﷺ والأئمة مثل القرآن وعدله إذا كانت قطعية فإن الاستفادة من الأحاديث والروايات في فهم القرآن فن دقيق وحاذق جدا، ويتطلب تخصصا كاملا“ [4] 

ومن اهتمام المسلمين بكل صغيرة وكبيرة حول القرآن اتفاقهم على ”أن حروف القرآن بالضبط - وفق المأثور عن ابن عباس - ثلاثمائة وثلاثة وعشرون ألف وستمائة وواحد وسبعون حرف. «323671 حرف»“ [5] 

وهذا ما يتفق عليه معظم المسلمين إلا ما شذ عن ذلك.

”إن في القرآن الكريم آيات تدل بوضوح على صيانته من كل تحرىف، وحفظه من كل تلاعب، بل ينفي كل أشكال التصرف فيه، ويعلن بصورة واضحة وجلية على أنه لن يصيبه ما يشينه ويحط من كرامته إلى الأبد، ومن تلك الآيات:

”قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ[6] .“ [7] 

”إذا كان القرآن الكريم موصوف بأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن أظهر مصادىق الباطل هو وقوع النقصان والزيادة فيه، فهو مصون من قبل الله تعالى عن النقصان والزيادة منذ نزوله وإلى يوم القيامة. في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَوَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[8]  والمراد من الذكر هنا هو القرآن العظيم، فالله سبحانه أنزله على نبيه الكريم ﷺ، وتعهد بحفظه، منذ نزوله إلى الأبد، من كل ما يتنافي وكونه منهاجا خالدا في الحياة ودستورا عاما للبشرية جمعاء، ومن الواضح أن من أهم ما يتنافى وشأن القرآن العظيم وقدسيته الفذة وقوع التحريف وضياع شيء منه على الناس، ونقصانه عما أنزله عز وجل على نبيه ﷺ.

- قوله تعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ[9] 

عن ابن عباس وغيره في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ إن المعنى: إن علينا جمعه وقرآنه عليك حتى تحفظه ويمكنك تلاوته، فلا تخف فوت شيء منه“[10] 

[1]  كتاب «الإسلام عقيدة راسخة ومنهج حياة» الإمام موسى الصدر ص 99.
[2]  كتاب «تاريخ القرى في القرآن» سلمان رامس. ص 11.
[3]  كتاب «بداية الهداية» الشيخ عبد المحسن اللويمي ص 168. تحقيق الدكتور بعد الهادي الفضلي.
[4]  كتاب «مطارحات في العقيدة»: الشيخ حسين المصطفى. ص73.
[5]  كتاب «مطارحات في العقيدة»: الشيخ حسين المصطفى. ص362.
[6]  فصلت 40 - 42
[7]  كتاب «مطارحات في العقيدة»: الشيخ حسين المصطفى. ص 370 371
[8]  سورة الحجر آية 9
[9]  سورة القيامة: آيات: 16,17,18,19
[10]  تفسير مجمع البيان: ج5 ص 397
الفنان محمد المصلي ـ ناقد فني