آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

تأملات رمضانية 26

محمد أحمد التاروتي *

السلوك الخارجي يعكس جانبا كبيرا من المنظومة الأخلاقية، فالمرء يحاول اظهار الصورة الحسنة في المحيط القريب، وكذلك في الوسط الاجتماعي، بهدف ترسيخ اقدامه في تلك البيئة، وانتزاع الاحترام لدى مختلف الشرائح، خصوصا وان فقدان الاحترام يقود الى نتائج وخيمة على الصعيد الشخصي، وكذلك على الاطار الاجتماعي، مما يستدعي التحرك باتجاه رسم الصورة الناصعة، وتجنب تشويهها بالممارسات الخاطئة، نظرا لتداعياتها الانية والمستقبلية على الصورة الشخصية، وبالتالي فان السلوك الخارجي مرآة عاكسة للقيم الأخلاقية لدى الافراد.

تشذيب السلوك الخارجي احدى ثمار شهر الصيام، فهذه الفريضة تلعب دورا حيويا، في تكريس الاخلاقيات الحسنة في المعاملات الاجتماعية، نظرا لقدرة الصوم على وضع الانسان امام تحديات عديدة، فيما يتعلق بالسيطرة على الطبائع الشاذة، على الصعيد الشخصي، وكذلك على الممارسات الخاطئة على الاطار الاجتماعي، حيث تتجلى تلك التحديات في القدرة على التخلص منها، بشكل نهائي او العمل على السيطرة على بعضها، الامر الذي يصب في خانة الانتصار الذاتي على تلك الممارسات الشاذة ”أيها الصائم تدبر أمرك فإنك في شهرك هذا ضعيف ربك، انظر كيف تكون في ليلك ونهارك وكيف تحفظ جوارحك عن معاصي ربك“.

عملية السيطرة على السلوكيات الخارجية، تتطلب الإرادة القوية والقدرة على ضبط الاعصاب، والابتعاد عن مواطن الاستفزازات على اختلافها، فالصائم يحاول التحرك وفقا للضوابط الإسلامية، للحفاظ على الصيام وعدم الدخول في مهاترات جانبية، مما ينعكس على السلوك الخارجي في التعاملات المتعددة مع المحيط الاجتماعي، وبالتالي فان تشذيب السلوكيات السيئة تتطلب بعض القرارات الصارمة، وعدم الاستسلام على الاطلاق، لاسيما وان التعامل الصارم يمنع التنازلات على اختلافها، سواء كانت بسيطة او كثيرة، فالتنازل الصغير لا يختلف عن التنازلات الكبيرة في المنظور الأخلاقي، فالسلوك الأخلاقي منظومة متكاملة، وليست متجزئة، فالخطأ الصغير لا يقل خطورة على الأخطاء الكبيرة، ”انظر أن لا تكون بالليل نائما وبالنهار غافلا فينقضي شهرك وقد بقي عليك وزرك فتكون عند استيفاء الصائمين أجورهم من الخاسرين وعند فوزهم بكرامة مليكهم من المحرومين وعند سعادتهم بمجاورة ربهم من المطرودين“.

ضبط السلوك الخارجي للصائم عملية أساسية، ولكنها ليست مرهونة باطار زمني محددة، فالانضباط الكبير في التعاملات الخارجية مع المحيط الاجتماعي خلال فترة الصيام، ليس مدعاة للتراخي والتنازل بعد انقضاء الشهر الفضيل، فالمرء مطالب بمراقبة سلوكياته الخارجية، من اجل تحقيق الانسجام الكامل مع القيم الأخلاقية، لاسيما وان الانفصام الكامل بين السلوك الخارجي، والمنظومة الأخلاقية، يحدث اثرا سلبيا على الصورة الشخصية داخليا، والسمعة الاجتماعية خارجيا، مما يستدعي وضع التكامل في الاعتبار، باعتباره المحرك الأساس في رفد المسيرة الشخصية في المحيط الاجتماعي، ”وان أهانك فمن ذا الذي يكرمك وإن أذلك فمن ذا الذي يعزك وإن خذلك فمن ذا الذي ينصرك وإن لم يقبلك في زمرة عبيده فإلى من ترجع بعبوديتك وإن لم يقلك عثرتك عمن ترجو لغفران ذنوبك وان طالبك بحقه فماذا يكون حجتك“.

"أيها الصائم تدبر أمرك فإنك في شهرك هذا ضعيف ربك انظر كيف تكون في ليلك ونهارك وكيف تحفظ جوارحك عن معاصي ربك، انظر أن لا تكون بالليل نائما وبالنهار غافلا فينقضي شهرك وقد بقي عليك وزرك فتكون عند استيفاء الصائمين أجورهم من الخاسرين وعند فوزهم بكرامة مليكهم من المحرومين وعند سعادتهم بمجاورة ربهم من المطرودين أيها الصائم إن طردت عن باب مليكك فأي باب تقصد وان حرمك ربك فمن ذا الذي يرزقك وان أهانك فمن ذا الذي يكرمك وإن أذلك فمن ذا الذي يعزك وإن خذلك فمن ذا الذي ينصرك وإن لم يقبلك في زمرة عبيده فإلى من ترجع بعبوديتك وإن لم يقلك عثرتك عمن ترجو لغفران ذنوبك وان طالبك بحقه فماذا يكون حجتك

كاتب صحفي