آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

بيت جدَّي - كم بيزة تساوي؟

يقول المثل: عندك بيزة تسوى بيزة، وعندك ألف تسوى ألف!

سألني حفيدي إلياس السّؤالَ التَّالي: جدَّي، هل أنتَ مليونير؟ أعطيته الإجابة فقال متعجبًّا: هذا كل صافي قيمتك بعد كل هذه السِّنين من العملِ والشَّقاء والتَّعب؟ ثم سأل: ما قيمتي أنا - إلياس - إذًا؟

مع علمي أنه في هذا العمر ليس في عقله إلا المال، لذلك حاولت أن أفلسفَ الجواب وألطفه قليلًا فقلت له: إنك تساوي عند جدِّك وأهلك الكثير وقيمتك الفعليَّة هي في كونك إنسانًا يحمل عقلًا وقلبًا، والمال يأتي ويذهب وقيمتك الفعليَّة لا تذهب أبدا.

من المحزن أننا نحسب قيمتنا وقيمة غيرنا بما نملك ويملكون من ريالات أو دولارات. لكن هذا هو الواقع المرير، وهاهم أحفادنا يسيرون على خطانا. فلم تعد قيمة الإنسان ما يحسنه أو يفعله، أو إيمانه أو كفره! كيف لا؟ والمال يشتري كلَّ شي الآن ويجلب المنافعَ والصَّداقات. ولم يجانب الصَّواب من قال:

رأيت النَّاسَ قد مالوا - - - إلى من عنده مالُ

ومن لا عنده مالُ - - - فعنه النَّاس قد مالوا

رأيت النَّاسَ قد ذهبوا - - - إلى من عنده ذهبُ

ومن لا عنده ذهبُ - - - فعنه النَّاس قد ذهبوا

رأيت النَّاسَ منفضَّة - - - إلى من عنده فِضَّة

ومن لا عنده فِضَّة - - - فعنه النَّاس منفضَّة

الإنسان عقلٌ وجسد، فمن اكتفى بالجسد فهو لا يساوي شيئًا، وقد تكون قيمته الفعليَّة أقل من قيمة حيوان نافق، ومن جمعهما، أي العقل والجسد، فلاحدَّ لقيمته العليا.

على كل حال؛ هذا هو الصراع الأزلي الذي لا ينتهي، بل يتطور في كلِّ زمان عندما نقيم الإنسان. ويزداد الصِّراع حدة الآن في عصر المشاهير وصّناع الثروات الكبيرة الذين فاقت قيمتهم الحقيقيَّة الواقع وتضخمت على حساب المثل والأخلاق، حتى أصبحنا وأبنائنا نراهم مطمح أنظارنا وما نرغب أن نصل إليه.


أفكار هذه الحلقات تحت عنوان ”بيت جدي“ أعانني فيها أحفادي - على الخصوص أياد ومحمد - بأفكارهم عن صراع الأجيال بين الماضي والحاضر وصعوبة ومخاطر الانتقال من جيلٍ لآخر، ولعلَّها تجمع وتطبع في كرَّاس يومًا ما. كنَّا كلَّ يوم نطرق شأنًا من شؤونِ الحياة في رحلتنا نحو الحقلِ الصَّغير بين السَّاعة الرَّابعة والسَّادسة فجرًا من ليالي شهر رمضان المبارك 1442 هجريَّة.


 

مستشار أعلى هندسة بترول