آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:34 ص

المخرج الغانم ينهي آخرَ حلقة ويرتاح!

في التِّسعينات من القرنِ الماضي، كنت أستعجل الإفطارَ في ليالي شهر رمضان، لأن بعد الإفطار يوجد عرضٌ فكاهي يخرجه رجلٌ قطيفي اسمه عبد الخالق الغانم. كان أطفالي حينها صغارًا وأنا كنت أحضر العرضَ - أو أغلبه - كلَّ ليلة. ومع أني رأيتُ الكثيرَ من عروضِ الكوميديا إلا أن هذا العرض أعجبني في بداياته، فقد جاءَ من بيئةٍ قريبة ويحكي بعضًا من واقعِ وقضايا المجتمع القريب، ويخرجه رجلٌ من القطيف!

لم أعرف عبدَ الخالق ولم ألتقِ به مطلقًا إلا من بعض ما رأيتُ وشاهدتُ في هذا العرض الرَّمضاني آنذاك، وكم هم كثيرون من لا نعرفهم ولكنَّنا في الواقع نعرفهم لأنهم اشتهروا وصارت صورهم وأسماؤهم معروفة! يومَ أمس لم يكن عرضًا جديدًا للمخرج القطيفي - عبد الخالق - لكنه انتقل إلى الخالق، فكما يقول الشَّاعر:

بينا يُرى الإنسانُ فيها مخبرًا ***** حتى يُرى خبرًا من الأخبارِ

في العادة يكون الكلام عن الممثلين وعن الحبكةِ والمخرج، وبالأمس كان حديث النَّاس - فقط - عن المخرج، عبد الخالق، لأنَّ عبد الخالق أصبحت وجهته الخالق، فله كل الرَّحمات والدَّعوات بأن يرتاحَ من عناءِ المرض. ومهما يكن فإن لقاءَ الخالق هو أجمل من لقاء الجماهير والمعجبين.

بصراحة، كبرتُ أنا بعد سنوات ولم أعد أحضر هذا العرض، إلا أن اسم وذكريات عبد الخالق لم تذهب، لأنه كان توأمًا للمَّات الإفطار عندما تكون العائلة مجتمعة إلى المائدة أو بعدها بقليل، ولهذا السَّبب عرفته وكانت بيننا محبة - وإن عن بعد - فلم أستطع أن أمانعَ الحزن وأن تعود بي الذكريات إلى تلك الحقبة من العمر، وأنعى فيه نفسي:

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ ***** يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ

الحقُّ، أن أبعدَ مسافة بين القلوب هي مسافة ابتسامة، وقد وهبنا إيَّاها عبد الخالق، وهو في رحيله تركَ مساحات وفراغات يجب أن يملأها من بَعده من الشَّباب المثقفين والمبدعين في الفنّ المعتدل والهادف.

لكلِّ من تركهم الغانم في حزنٍ ولوعة من بنين وأقارب، أحرّ التعازي واحتساب الأجر. كلنا في بحارِ الحياةِ تعود مراسينا من حيث جئنا من الأرضِ التي يرقد فيها أجدادنا، هو عادَ اليوم وما ندري من يعودُ غدا!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
أبو حسين
[ تاروت ]: 19 / 5 / 2021م - 4:34 م
الله يرحم الحاج عبدالخالق الغانم بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويخلف على أهله ومحبيه بالصبر والسلوان.. وأنا أيضاً كما قالها المهندس هلال الوحيد لم ألتقِ بالمخرج القطيفي عبدالخالق الغانم الذي طبع صورته على قلب كل إنسان خليجي، وربما تعداها الى الإنسان العربي.. عبدالخالق الغانم نعاه الكثير من الناس من أصدقائه وغيرهم، فهو الشخصية التي جمعت ووحدت كلمة الشعب السعودي سنة وشيعة رحالاً ونساء على نعيه.. عبدالخالق الذي رسم الإبتسامة على قلوب الناس لعدة سنوات ودًع الناس ليلتقي بربه.. قرأت مئات التغريدات على تويتر من مختلف أبناء الشعب السعودي على مختلف طبقاته وكلها تنعى الفقيد بعبارات الحزن على فقده.. رحمة الله على هذا الرجل الذي جمع حب الملايين من الناس، وخالص الدعاء له بالمغفرة والرحمة ولأهله وذويه بالصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
مستشار أعلى هندسة بترول