آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 3:46 م

الخاتمة…

المهندس هلال حسن الوحيد *

في الأعوامِ الأولى من العمل في هندسةِ النّفط في مدينةِ الظَّهران كان معي رجل أمريكي أكبر مني سنًّا وخبرة. في ذلك الوقت كنت بدأت كتابةَ بعض التَّقارير والمراسلات الخاصَّة بالعمل وبعضَ العروض للرؤساء. نصحني ديفيد أن أركِّز على مقدِّمة ونهاية الرِّسالة وخاتمةَ العرضِ أو التَّقرير، فمهما كانت جودة المحتوى ينسى النَّاسُ تلك الجودة سريعًا ولا يبقى في ذاكرتهم سوى أوّل وآخرَ سطرٍ أو كلمة. فإذا أنت - القارئ الكريم - وجدتَ في هذه المقالات الخردة التي أكتبها مقدِّمةً وخلاصةً مقبولة فهذا من فضلِ نصيحة ذلك الصَّديق.

هي الخاتمة في كلِّ شيء حتى قيلَ عنها أنها تضحك وتسخر من العمل فحين يتقلب الرِّجال على بطونهم وظهورهم، انتظر قليلًا لترى على أيّ جهةٍ من الحقّ أو الباطلِ هم ينقلبون. وهي الخاتمة - الأهمّ - في الصَّداقات والعلاقات والمعاملات. وأجمل مرحلةٍ في أعمارنا مرهونة بأواخرها ونهاياتها.

ولأن النَّتائجَ والخواتم هامَّة لذا لابدّ لها من أجودِ المقدِّمات. فإنْ كانَت المُقدِّمة حسنة كانتِ النتيجةُ والخاتمة حسنة، وإنْ كانت المُقدِّمة سيِّئةً ورديئة كانتِ النتيجةُ والخاتمة سيئةً. ولكم هو خطيرٌ جدّا أن تخضع حياتنا لمقدماتٍ سيِّئة، ثم ننتظر أن تكونَ الخاتمة رائعةً مجلجلة!

نبحث عن الصَّديق المخلص في المكانِ الخطأ، نخطب زوجةً جميلة أو زوجًا من المنبتِ السوء، نختار تخصّصا خاطئًا في الدِّراسة ثم نعمل في المكانِ الغير مناسب، نشارك في تجارتنا الغيرَ أمين، أليس في بعضها - أو كلِّها - مقدِّمات تقودنا نحو نتائجَ كارثيَّة؟ فعلًا، ما أكثر المقدِّمات التي تقود إلى نتائجَ سيِّئة، فلو درسنا المقدِّمات بعناية كفتنا عناءَ الطَّريق وجاءت أغلبُ النتائج بردًا وسلاما.

مستشار أعلى هندسة بترول