آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

مدرسة الحياة ‎

من المقولات التي ينبغي التوقف عندها بتمعن وروية لما تنثره من نتائج إيجابية مشرقة في حياتنا، ألا وهي: «مدرسة الحياة»، ومقصودهم بها أن البيئة من حولنا وما نراه من أحداث ومواقف يمر بها الناس تشكل مادة حيوية ونشطة للمعرفة لا لجعلها مادة خبرية نتسلى بها، فالمواقف في تشابهها من جهة العوامل والمسارات والنتائج لا تباين بينها، فما يمر به غيرنا سنسير عليه ونحصد نفس النتائج مع وجود نفس العوامل، وهذا ما يدفعنا نحو التنبه والملاحظة لتلك الأحداث من أجل أخذ العظة والعبرة واستخلاص الومضات الإيجابية لمستقبلنا.

هل حاسبنا أنفسنا يوما على تكرار نفس الأخطاء والمرور بنفس المحطة التي وقعنا فيها سابقا لنعود لنقطة الصفر، دون أي إزاحة عن تلك الأخطاء وترك لأوجه التقصير بما يشي بعدم استيعابنا لدروس أعظم معلم وهو الحياة؟

الوقوع في الخطأ لا يعد بحد ذاته مشكلة كبرى أو خط النهاية الذي لا رجعة عنه، بل المهم التعلم من الأخطاء السابقة دروسا يعيها ويفهم مغزاها ويستنير بهديها، بحيث تشكل بداية التصحيح والتعديل في حياته فلا يسقط في تلك الحفر مجددا، وإلا فإن الوقوع في نفس الخطأ يعني أن الحياة قد أخفق أحد تلاميذها!!

كما أن الحياة لا تسير بوتيرة واحدة وإنما هي ألوان متعددة تلقي بظلالها في كل يوم بلون أو أكثر، فعلينها فهم هذه الحقيقة والتعامل على أساسها لتكون تلك التلاوين لها استعداد في التعامل عندنا، فالحزن والإخفاق لا يعني أكثر من مرحلة لابد من تجاوزها والعمل على إيجاد حلول ممكنة ومرضية تجنبنا الهم واليأس المطبق، ومرحلة النجاح واللحظات الجميلة تعني تحمل المسئولية للانتقال إلى مراحل لاحقة، فذاك ما يجنبه رحلة الغرور والتكبر التي تصيب البعض فيخسر أهم شيء وهي نفسه.

والتكيف مع الظروف المصاحبة لكل يوم تشرق فيه الشمس علينا يجعلنا ننظر للحياة بإيجابية، فنستقبل الهموم بالصبر ونظرة الأمل والتفاؤل لتجاوز عنق الزجاجة.

فمدرسة الحياة تقدم لنا أهم طرق التعامل مع الصعوبات والأزمات بعين البصيرة الحكمة لا التهور والانفعال، فلا العصبية والانفعال الشديد بسبب مشكلة معينة سيؤدي إلى إيجاد مخرج منها، ولا تغليب العاطفة على تحكم العقل وضبط النفس سيهبنا معالجة حقيقية تجنبنا الآثار السلبية لها، وإنما البداية تبدأ من السيطرة على الأعصاب والهدوء والتعامل بمنطقية مع الواقع مهما بلغ السوء والضرر فيه، كما أن التهرب من حلول لأي مشكلة سيعقدها ويدخلنا في جملة مشاكل أخرى ناجمة عن التأخير والتردد والتكاسل، بل ما ينغي صدوره منا روح الإصرار ومواجهة التحديات والطموح لتحقيق مستويات تناسب آماله وأهدافه، فالسعادة التي ننشدها لا تعني الدعة وطلب الراحة بل هو العمل الحثيث ومواجهة الواقع دون ندب للحظوظ، فمتاعب الحياة كأمواج البحر المتلاطمة لا يمكن صدها، بل تحتاج إلى ربان ماهر يعرف كيف يجدف بقوة ويبحث للوصول إلى ساحل النجاة.

فسعادتنا واستقرار نفوسنا من الخطأ أن نبحث عنه بعيدا بل هو كامن في ذاتنا وما تحمله من تصورات وقدرات وقوة تفكيرية تجعل من كل محطة وموقف في حياتنا مؤشر اختبار لنا، فعلينا وضع تخطيط يثبت وجودنا واقتدارنا ويجعل من المستقبل مجموعة فرص سانحة علينا تحويلها لنقاط نجاح.

وعلينا ضبط مؤشر الطموح ليكون معتدلا بين السقوف العالية والقلق السلبي، فهناك من يأمل في تحقيق الكثير من الآمال ولكنه لا يمتلك المهارات اللازمة لها، والقلق الشديد يمنعنا من اتخاذ أي خطوة للأمام خوفا من الإخفاق والسقوط، فالحياة متاعب وصعوبات علينا التعامل معها بواقعية فنعمل بقوة على تغييره نحو الأحسن والأفضل.