آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

هل تفكر في كُلفة ما بعد التقاعد؟ - سلسلة خواطر في أوانها

المهندس هلال حسن الوحيد *

قبل سنوات عمل معي رجل أمريكي كنت اعتقدت أنه كان بخيلًا لأنه يحاسب زوجته وابنه على كلِّ المصاريف. وما جعلني أجزم أنه كان شديد البخل أنه كان يقوم ببعض الأعمال بنفسه، مثل الحلاقة في بيته وتغيير زيت سيارته وصيانة مكابحٍها. كنت أسخر من هذه العادات التي كان يوفر منها مبلغًا ليس بالكثير في التِّسعينات من القرن الماضي، مع أنه كان يتقاضى مرتبه الشَّهري بالدولار. ووصلت لمرحلة اليقين حين أعطى ولده درسًا قاسيًا في التوفير لأنه صرف أكثر مما يجب على عشاء - بيتزا - في مطعم!

لكن تبين أن هذا الرَّجل كان بارعًا وذكيًّا جدًّا، حيث اشترى مزرعةً في تكساس وعلّم أولاده واستراحَ من العمل سنوات قبل الستِّين من عمره، بينما أنا واصلت حتى قريب الستِّين قبل أن أتمكن من توفير ما يكفي لترك العمل باكرًا.

حقيقة، نحن الفارغون من العمل آنَ لنا أن نتَقاضي علاوةً في راتبنا الشهري وهي عبارة عن قيمة قيامنا ببعض الأعمال التي نعرفها ونتقن القيام بها، فمن منَّا لا يستطيع كيّ ملابسه أو غسيل سيارته، أو حلاقة ذقنه، ناهيك عن غيرها من الأعمال التي نستطيع القيام بها دون أن ينقص من رفاهيتنَا شيء؟ وبذلك نكون وفرنا مبالغ تنفعنا في أوقاتٍ أصعب، مثل الآن. وإن لم يكن ذلك التوفير الكبير فأقلّه أننا ورَّثنا من بَعدنا الإحساس بالمسؤولية وتطبيق حكمة ”الاقتصاد نصف المعيشة“، وهذا يكفي.

آن لنا أن نعلم أبناءنا كيف أن أوراق المال لا تأتي من أوراق الشجر، وأن قرش اليَّوم ينفع في يوم غد. ذلك لأن تكاليف التقاعد والتقدم بالعمر تقتضي وضع خطة باكرًا - اليوم - من أجل تأمين حياة مريحة وآمنة قدر ما أمكن. ولنسأل: كم من المصاريف الغير لازمة يمكن للشِّاب والشَّابة الاستغناء عنها وتوفير كلفتها في شيء أهم وأكثر إلحاحا؟

مستشار أعلى هندسة بترول