آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:41 م

عودوا لرومانسيتكم

حسين محمد آل ناصر *

تشهد حالات الطلاق تزايدا ملحوظا وتسجل أرقاما مرعبة ووفقا للهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية واعتمادا على بيانات وزارة العدل في عام 2020 بلغ إجمالي صكوك الطلاق 57,595، مما يعني أن النسبة قد ارتفعت 12,7% مقارنة بالأرقام الصادرة في تقارير عام 2019.

عزت الجهات المعنية والمختصون أسباب الطلاق لعوامل متعددة كان من أبرزها التدخلات الأسرية وغياب الثقافة الزوجية مع اختلاف الزوجين في المستوى التعليمي والثقافي، بالإضافة لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة إقامة علاقات مع الجنس الآخر مما يؤدي قد لمشكلة كبرى وهي الخيانة الزوجية.

وليس هذا فحسب بل إن الاضطرابات النفسية وتعاطي المواد المخدرة أيضا لعبت دورا مباشرا أو وسيطا في ازدياد نسب الطلاق في السنوات الأخيرة.

وعلى الرغم من أن هذه العوامل واقعية ونشهدها بشكل مستمر في العيادات العلاجية والمراكز الإرشادية، إلا أننا قد نقرأها من زاوية واحدة ومن دون قصد قد نغفل الزوايا الأخرى المهمة ويأتي في قمتها ومقدمتها الطلاق العاطفي.

تعرف جمعية علم النفس الأمريكية الطلاق العاطفي على أنه ”علاقة زوجية يعيش فيها الشريك حياة منفصلة عن شريكه مع غياب الحياة الطبيعية بينهما“.

يعرف الطلاق العاطفي بمسميات مختلفة قد تكون مرادفة له أو واصفة لأبرز ملامحه، ومنها على سبيل المثال ”الطلاق النفسي، الطلاق الانفعالي، الصامت، والجفاف العاطفي“.

إن من أبرز ما يميز الطلاق العاطفي غموضه وتستره، ولذا نجد الزوجين يمران بمنعطفات كثيرة لا يعرفان أن جوهرها انفصال عاطفي يسكن حياتهم ويقتات بمشاكلهم وصراعاتهم.

يحدث الطلاق العاطفي قبل الطلاق الرسمي بسنوات حيث يلاحظ انفصال في المشاعر بين الشريكين وكأن كل واحد منهما لا علاقة له بالآخر فيغيب الحب والتفاهم والاهتمام والثقة مما يؤدي لذبول العلاقة الزوجية وموتها نفسيا فيعيش الزوجان حياة بائسة تفتقد للأمان وتخلو من التفاعل وينتهي بهما المطاف إلى الانفصال والطلاق الرسمي أو ما يعرف أيضا بالقانوني.

وبالرغم من أهمية تلك المظاهر إلا أن هنالك مظاهر أخرى عدها العلماء أشد ضراوة وأعظم تأثيرا في روح العلاقة الزوجية معللين ذلك أنها تخلو من العنف والعدوان المباشر لكنها تخفي وراءها موتا سريريا كالصمت والجمود والعناد وضعف العلاقة الجنسية.

يتعدى تأثير الطلاق العاطفي الزوجين إلى الأبناء وينعكس سلبا على جودة حياتهم فيصبح التفاعل جافا بينهم، والحوار البسيط يتحول لنقد وعتاب، وتعلو الأصوات، بالإضافة إلى أنهم يفقدون الاستمتاع عندما يخرجون معا أو يذهبون لمناسبة اجتماعية معينة.

ومن الجدير بالذكر أن جهات الدعم والمساندة تركز على الآثار السلبية الناتجة ومحاولة الإصلاح وحل مشكلات الأسرة المتنازعة، وهذا يسهم من دون أدنى شك في المساعدة والتغيير نحو الأفضل في العلاقة، ورغم هذا الجهد الكبير إلا أن الباحثين والمختصين يقدمون توصياتهم من أجل تقليل المخاطر الناجمة عن هذا النوع من الطلاق ويلفتون النظر لمجموعة من المقترحات التي يمكن أن تلعب دورا في التدخل من أجل علاج هذه المشكلة مشددين على أن هذه المقترحات لا تتعدى كونها توصيات عامة، ومؤكدين على أن لكل زوجين تدخلات خاصة بهما، ولذا عليهما التوجه للمختصين في حال تفاقم المشكلة وانسداد الطريق أمامهما.

ولعل من أهم هذه المقترحات الحوار الفعال واختيار الوقت المناسب له مع محاولة تحديد أسباب الطلاق العاطفي وجذوره بينهما، بالإضافة إلى الابتعاد عن النمطية والجمود في شكل العلاقة كلها، وليس انتهاء بالتجديد في غرفة النوم وصنع أجواء تضفي طعما للقاء الزوجي وحلاوة له.

ولأن الحب يغذي روح الحياة الزوجية فلابد أن يكون له اهتمام خاص من قبل الزوجين، ومظاهره كثيرة تترجم من خلال الكلمة والغزل واللمس والاعتذار وتقديم الهدايا، بالإضافة لمناداة الطرف الآخر بما يحب، والاهتمام بالمظهر والملابس والرائحة له.

لا تخلو الحياة الزوجية من منغصات تكدر صفوها وتلك ليست نهاية الكون ومنتهاه بل قد يراها بعضهم تجديدا للحب وتغذية له، إلا أن استمرار الخلافات وشدتها كفيلين بتفتيت العلاقة وطعنها في خاصرتها.. والحل عودوا لروما نسيتكم.

أخصائي نفسي أول - ماجستير علم النفس الاكلينيكي