آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 10:23 ص

حاءات الملالي الثَّلاث، هل ذهبت واحدة؟ - سلسلة خواطر في أوانها

اشتهرت ثلاثُ حاءات لابدّ للخطيب أو ”الملَّا“ الناجح أن تجتمعَ عنده، وينقص نجاحه الشعبيّ بمقدار ما يخسر منها، ألا وهي الحفظ والحسّ، أي الصَّوت، والحظّ. وإن كانت اثنتان منها، بل كلَّها، هبة من الله يرزقهما من يشاء، يبقى الحفظ فلا بدَّ للخطيب من أن يستذكر ثم يستذكر ثم يستذكر لكي يحفظ.

الأن، في وجود تقنيَّة الهاتف اليدويّ والأوراقِ المكتوبة ضاعت حاءُ الحفظ، إذ الكثير من الخطباء يخرج الهاتف - أو الورقة - من جيبه ليستشهد بحديثٍ ممكن حفظه أو قصيدةٍ سهلة المعاني أو آية من القران، والبعض دون هذه الآلة تضيع عنده الحافظة فيشرِّق ويغرّب في قصيدةٍ مشهورة.

في سالفِ الزَّمان - وفي هذا الزمانِ أيضًا - بعض الخطباء يحفظ أجزاءً من القرآن ومئات الأبيات من الشِّعر وعددًا كبيرًا من الخطب والأحاديث المشهورة وحوادث التَّاريخ والأسماء، بحيث تراه يستشهد ببديع الشِّعر والآيات والحادثة التاريخيَّة المناسبة للموضوع. والأهم أنه يعتمد على حافظته ولا شيءَ سواها!

وإذا كان عنصر الصوت، من العناصر المهمّة، في نجاحِ كل خطيب؛ فإنه إذا غابت عذوبته قد تعوض عنه الحافظة والمادَّة ذات النوعية الثقيلة التي يحتاجها المستمع والمجتمع. أما التوفيق - أو الحظّ - فهو في الغالب تابع ومنقاد للحفظ والصوت وليس مستقلًّا في حضوره، فلم نره يصنع خطيبًا ناجحًا مرَّة في التاريخ!

أسابيع معدودات ويهل شهر المحرَّم من العام الجديد، وهذه الأسابيع الباقية قطعًا تساعد الخطيب على زيادة الحفظ وتعميق الثقة بينه وبين الجمهور، وإن لم تسعفه الذاكرة فلا بأس بالاستعانة بالأدواتِ الحديثة دون الاعتماد عليها. فالاعتماد عليها كليًّا يأخذ من هيبة الخطيب وتفاعل الحضور معه.

أصارحكم، إن كلَّ خطيب بحاجة إلى ذاكرة متماسكة تحفظ عليه ما أعدَّ من أفكارٍ ومعلومات يريد طرحها على الجمهور، فلا تكفي الجرأة، بل على الخطيب أن يهتمَّ بذاكرته وينمِّيها بالتركيز والتكرار والمناقشة في موضوعِ الجلسة قبل أن يطرحه فوق أعوادِ المنابر.

مستشار أعلى هندسة بترول