آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 6:58 ص

ربَّنا عوّضنا عن هذا الحرّ بردًا وسلامًا في الآخرة - سلسلة خواطر في أوانها

وصلت حرارة الجو حوالي 45 درجة مئوية يوم أمس، الثَّاني من تموز/ يوليو، وكنت خارج المنزل فقط لعدّة دقائق، أحسستُ فيها بلهيب الجوّ المشتعل، فجال في خاطري كلامٌ مع الله سبحانه وتعالى، بل هو كان أقرب إلى الرَّجاء: إذا كان هذا الحرّ قاسيًا في الدّنيا، وفقط في دقائق معدودات يهلكنا؟ فكيف إذا كنَّا في يوم القيامة وطالَ الوقوف آلاف الأعوام في الزّحام والحرّ؟ كيف لهذا المخلوق الضَّعيف أن يحتمل طول هذا المقام؟ والأسوء هو ترقب نتيجة الامتحان، فإذا والعياذ بالله النتيجة تساوي النار، فما العمل؟

أصارحكم، أن صيفنا يذكِّرنا بجهنّم ويومَ الحساب، ولعل الله أثقلَ علينا في حرارةِ الدّنيا ليعوضنا بردًا وسلامًا آنذاك. وإلَّا كيف نستطيع الوقوف طول هذا الزَّمان الحارّ - خمسين ألفَ سنة - ونحن الذين تتصلب ظهورنا ونتلوى من انتظار ساعةٍ واحدة في جو معتدل، فترانا نرفع رجلًا ونحطّ أخرى في طابورٍ قصير. أما فصل الصيف عند غيرنا - في أغلب بلدان الإنسان الأشقر - فهو فصل السَّنة الذي ينتظرونه من أجل الخروج في الطبيعة، في نور النَّهار الكامل، يأكلون ويشربون ويستمتعون بحرارة الشمس التي تلامس جلودهم دون أن تصهرها مثل شمسنا.

كل الرجاء أن تكون الحرارة المحرقة في الدنيا شافعةً لنا، بحيث يقول الله لنا: أنتم أذقناكم حرَّ الدنيا فلن نجمع لكم معه حرَّ الآخرة. وكل طلبنا من الله أن يجعلَ نار الآخرة مثل نار النمرود التي تحوّلت إلى نبي الله إبراهيم الخليل إلى حديقةٍ غنَّاء، حتى قيل إن تلك اللحظات التي كان فيها إبراهيم في النَّار، كانت أهدأ وأفضل وأجمل أيَّام عمره، طوبى له!

هذا الحرّ القاسي هو جرسٌ يطاردنا ويوقظنا من أجل تغيير مجرى ومسار حياتنا وعلاقتنا مع الله لكي يكفينا شرّ حرارة الخمسين ألف سنة، ويرغبنا في برادِ الجنة ونعيمها. هذا ما يفعله بنا، ونرجو أن تكونَ الرِّسالة وصلت إلى أدمغتنا وعقولنا قبل أن تهلكنا!

مستشار أعلى هندسة بترول