آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

يا راحلينَ إلى مِنَى

المهندس هلال حسن الوحيد *

في هذه الأيَّام تمنيتُ أن يعيرني طائرٌ جناحيه فأطير بهما إلى مكَّة، مع الحجَّاج الطَّائفين والرَّكع السّجود. لم يستجب دعائي ولم تتحقَّق تلك الأمنية، فقد بدأ الحجَّاجُ توافدهم إلى مكَّة مع قلتهم في هذا العام وأنا ما برحتُ هنا، فطوبى لهم إذ هم كانوا ذوي حظوة، تطأ الدِّيارَ المقدَّسةَ أقدامُهم ويأتونَ عرفات ومزدلفة ومِنَى وهي قليلة الزّحام.

سوف أعقد نيَّتي على الحجّ، وأستعيد - عن بعد - بعض الذِّكريات مع الَّذين جمعتنا وإيَّاهم تلك المواقف والمشاهد، مستذكرًا ملامحَ وجوههم وأجراسَ أصواتهم وسويعاتِ المودَّة والصَّفاء التي جمعتني معهم، راجيًا من الله أن لا تكون آخر الذِّكريات. أمَّا من فاته الحجّ لعدم الاستطاعة فله البشرى، الفقراء أحبَّاء الله وأحبَّاء نبيّه، ويجعل اللهُ بعد عسرٍ يسرا. ونسأل اللهَ أن يعجِّل برحيل هذه الأزمة فتعود مكَّة ووديانها تفيض بالحجَّاج الآتين من كلِّ حدبٍ وصوب ليشهدوا منافعَ لهم. رحلةٌ كل أيامها ولياليها بهيجة وأبهجها حين تنتهي أعمالُ وواجبات الحجّ، ويبقى الحاجُّ منتظرًا العودة لداره مغفورة له ذنوبه، سعيدًا بما عمل، وبمن التقى ومن صاحبَ في أيَّام الحجّ. سويعات يحلو فيها فنجانُ القهوة وتطيب فيها محادثةُ الرِّفاق الأحبَّاء.

بصراحة، سافرتُ أجملَ البلدان ونمتُ على أنعمِ الفرش وتذوقتُ أشهى الأطعمة، فلم أجد أجملَ من سفرِ الحجّ ولا فراشَ أهنأ من فراشِ خيمةٍ غطاؤها السَّماء وأرضها المحصّب، ولا أكلَ أشهى من أكلٍ تناهبته أيادي الحجَّاج الكرام، فيا طيبَ ذاكَ المقام ويا طيبَ ذاك السَّفر!

إن استطعتُ أن أطلبَ شيئًا من الحجّاج - أصالةً عن نفسي ونيابةً عنكم - فهي أن يتذكروا كم نحن مشتاقون أن نكونَ معهم حجَّاجًا، ومن زوّارِ المدينة أن يعلموا كم نحن توَّاقون أن نكونَ معهم زائرين قبرَ النبيّ محمَّد صلَّى اللهُ عليه وآله. بلِّغوا تحياتنا وسلامنا لتلك الأراضي والبقاع. فنحن الَّذين لم نستطع الذهاب مثلنا كما ورد ”من أحبَّ قومًا حُشر معهم، ومن أحبَّ عملَ القومِ أشرك في عملهم“. ولا شكّ أن نيِّاتنا للحجّ معقودة ومحبّتنا لعمل الحجَّاجِ موجودة.

قلَّدناكم الدَّعاءَ والزِّيارة...

مستشار أعلى هندسة بترول