آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

تاروت القديمة ونداء خاص

أحمد منصور الخرمدي *

من الصعب جداً أن تقف مع مجموعة من الأهالي وترى بأم عينيك الأثار الناجمة نتيجة - تُعد الأولى من نوعها، وإن شاء الله تكون الأخيرة، إنهيار عدداً من البيوت الأثرية والتلمس مع الجميع، اضراراً جسيمة ومخيفة، للبنية التحتية تهدد - إلى المزيد من التداعيات السلبية والتطورات الخطيرة مالم يتسارع بإيجاد الحلول الكفيلة، بحي أثري قديم وهو يمثل رمزاً ومعلماً تاريخياً ليس على مستوى المكان فحسب بل على مستوى الوطن بأكمله، جاء الحدث، في الوقت الذي فيه تسليط الضوء على الآمال والتطلعات أن يبقى بشموخه التاريخي مرفداً سياحياً يقصده السواح والزائرين من كل مكان.

حي الديرة بجزيرة تاروت بمحافظة القطيف والذي يقع بالجوار والملاصق تماماً للقلعة - قلعة تاروت التاريخية والتي يمتد تاريخها العريق خمسة آلاف عام قبل الميلاد، وعلى تل رفيع، وفيها من الأثار والدلائل التراثية وكنوز من غير السهل حصرها على عجالة وهي لا تقدر بثمن بأي حال من الأحوال.

صوراً ومقاطع مقلقة للغاية، كشفت الكثير من الإنهيارات والتصدعات والهبوط لأرضيات ولمنازل سكنية، يقطنها العوائل من كبار السن وأسرهم من النساء والأطفال ولا لهم بعد الله مأوى غيرها.

حي الديرة وكما عرفه الإنسان وذكره التاريخ منذ القدم، ببيوته وزرانيقه وأسقفته ذات الطابع التراثي والأثري، يعود تاريخه إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد ويعد من أولى المناطق التي شهدت التجمعات السكانية في المملكة والخليج العربي، هذا الحي له رونقاً جميلاً في الوجدان وفي قلوب ساكنيه وزواره، وهو رمز عشق وحنين لماضي أصيل، فأنا وأنت وكل من زاره فهو متيم بحب وعشق هذا المكان، لما له من تاريخ وتراث وذكريات عزيزة، منبعها الأجداد والأباء، الذين عُرفوا بالوفاء والمحبة والإخلاص، لدينهم ثم إلى القيادة الحكيمة والأمة والوطن.

هذا الحي، الديرة بجزيرة تاروت التاريخية، رسخ لنا التاريخ وما كتبه المؤرخون والباحثون من عمق تاريخي كبير، وما حملوه رجاله المخلصون، من أمانة وتفاني، فحموا الديار وحافظوا على التراث والموروث والممتلكات، بنوا بسواعدهم تلك القلاع والبيوت الطينية المتينة، التي ترتاح لها الأنفس، فلاصيف يمر ببرودة مبانيها الطينية ولا فصل شتاء إلا وتزداد خيراتها ودفء ظاهرها وباطنها.

أهالي جزيرة تاروت قاطبة وكل المخلصين من المهتمين بالتراث ها هم اليوم وبالتحديد في هذا الوقت الصعب وفي هذه الأيام الفضيلة، أيام عيد الأضحى المبارك، ومعهم الأمل القوي بالله سبحانه وتعالى ثم بالجهات المسؤولة ومن دون إستثناء، بالنظر أولا إنسانياً ووطنياً، بعين العطف لهؤلاء الأسر العفيفة المتضررة جراء ما حدث، ثم بوجه السرعة إلى ما تم الرفع به من مطالبات فيما يتطلبه ويحتاجه هذا الحي، من إهتمام وعناية وما يحرص عليه ولاة الأمر حفظهم الله من تفقد أوضاع الأهالي وحل المشاكل والمعاناة التي تواجههم وبكل همة عالية وأقتدار.

فأهالي الحي القاطنين، لهم مدة طويلة وهم يعانون ويطالبون بمعالجة الكثير من المشاكل والسلبيات التي للأسف الشديد آلت استمراريتها إلى ما هم عليه هذه الساعات القاسية والحرجة بليالي العيد، في منازلهم مكان سكناهم وملجأهم وأسرهم وأطفالهم، ومن تلك الأسباب والتداعيات في تصدع وانهيار العديد من المنازل والأرضيات وكما ذكر وصور وتناوله الأعلام وقنوات التواصل الإجتماعي، تلك التسربات المتكررة والأعطال في شبكة المياه وكذلك التأخير في تأهيل وترميم البيوت القديمة المتششقة جدرانها وبنيتها التحتية والتي أزيل البعض منها للسبب نفسه.

هذا النداء الخاص - والخاص جداً مع جزيل الشكر والتقدير للجهود التي بذلت من الجهات الرسمية ذات العلاقة مشكورة «إدارة الدفاع المدني، البلدية، فرع شركة المياه، هيئة السياحة والأثار، والمجلس البلدي بالمحافظة وكذلك الإستعداد التام من جمعية تاروت الخيرية بالمساعدة وتقديم العون للمتضررين»، ومن الأهالي الخيرين الذين قاموا بالواجب وبسرعة التصدي وعلى مدار الساعات الماضية حتى الآن، والتي أسهمت بعد فضل الله ولطفه وعنايته سبحانه وتعالى، على الحفاظ على الأرواح والممتلكات وحفظ التراث، هذا وقد أحببت أنقل لكم بعض الصور من جانب بسيط، جميل ومضيء لهذ الموقع التاريخي والأثري وما في محيطه ومستقبله المشرق والمشرف بإذن الله، مع تمنياتنا تحقيق المنشود وما يطمح له الأهالي الكرام بالإرتقاء لهذه المواقع التراثية وتأهيل المساحات، للبيوت التي تم إزالتها والتي لا نتمنى إزالة غيرها ألا للضرورة القصوى والسلامة، بما يتناسب مع التراث والبعض منها تعمل على شكل مقاهي شعبية وإستراحات جلوس للزوار بأماكن خدمية شعبية، وذلك بعد نزع ملكيتها وتعويض أصحابها «ماليكيها» حسب الأنظمة المتبعة، وما تم وقتها من مناشدات أهلية وطنية، جميلة وهادفة وإلى مستوى عالي من المسؤولين رعاهم الله، وبطلب مباشرة ذات الإختصاص الحالة مع الحرص الشديد على جانب الرؤية الكريمة 2030 والتي منها الأهتمام بالمدن التاريخية لما لها من أهمية ثقافية وسياحية عوائد اقتصادية كبيرة تعود بالنفع على المواطنيين والوطن، الحمد لله على سلامة الأهالي وسلامة الجميع، وعيد مبارك وكل عام وأنتم بخير أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة باليمن والبركات.

حفظ الله بلادنا من كل سوء، وأتم عليها وافر النعم والأمان والنماء والإزدهار.