آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

عيد كورونا

محمد أحمد التاروتي *

للعام الثاني على التوالي يحل عيد الأضحى المبارك، على المسلمين في ظروف استثنائية وغير اعتيادية، جراء الأوضاع القاهرة التي فرضتها جائحة كورونا على الجميع، فالاجواء المصاحبة لفرحة العيد اختلفت كثيرا، عن الافراح المصاحبة للعيد في السنوات الماضية، نظرا للإجراءات الاحترازية التي أجبرت الجميع على اتخاذ التباعد الاجتماعي، كوسيلة لتفادي الإصابة للفيروس القاتل.

عيد الأضحى المبارك للعام الحالي، يختلف تماما عن الأجواء المصاحبة لفرحة العيد في العام الفائت، فقد ساهمت اللقاحات في احداث انفراجة واضحة، لدى مختلف الشرائح الاجتماعية، الامر الذي ساهم في التقليل من سطوة الفيروس على الناس، نظرا لوجود اللقاحات القادرة على مقاومة الفيروس، وبالتالي تراجع اجمالي الإصابات، وانخفاض عدد الوفيات الناجمة عن وباء كورونا.

المجتمعات الإسلامية على اختلافها استطاعت تحويل ”عيد كورونا“، الى نقطة تحول جوهرية باتجاه اظهار الفرح والسرور في البيوت، اذ لم يتمكن فيروس كورونا من القضاء على الاحتفال بفرحة العيد على الاطلاق، من خلال التحايل على الإجراءات الاحترازية بطريقة ”مشروعة“، الامر الذي كرس حالة الاحتفال بعيد الأضحى، خصوصا وان الإجراءات الاحترازية دفعت الجميع للبحث عن الحلول القانونية، للتعبير عن البهجة بمناسبة العيد السعيد، انطلاقا من قاعدة ”الحاجة ام الاختراع“.

البهجة المصاحبة لعيد الأضحى المبارك في العام الجاري، انعكاس واضح على إصرار المجتمع البشري، على هزيمة الفيروس القاتل، وعدم السماح لمثل هذه الامراض الفتاكة لسلب السعادة من القلوب، خصوصا وان اظهار الفرحة في الأعياد الإسلامية عملية مطلوبة، باعتبارها مناسبة تستوجب الفرح، والعمل على قتل كافة الأجواء البائسة، التي تحاول السيطرة على الجو العام.

المتحورات الجديدة لفيروس كورونا، لم تسلب أجواء العيد على الاطلاق، نظرا لوجود قناعات راسخة بقدرة العقول البشرية، على توفير الحماية اللازمة لمقاومة الوباء، فالاخبار المأسوية المصاحبة لانتشار الفيروس في المجتمعات البشرية، لم تصب الشعوب الاسلامية باليأس، وانما كرست التشبث بالحياة، واظهار الفرح في مختلف المناسبات السعيدة، فالامراض على اختلافها غير قادرة على هزيمة البشرية على الاطلاق، نظرا لوجود تجارب ناجحة في قدرة العلم على هزيمة المرض، والقضاء عليه عبر اكتشاف الامصال المقاومة لتلك الفيروسات القاتلة.

وجود إرادة الفرح يمثل نقطة جوهرية، للتعبير عن السرور بمناسبة العيد، فهذه المناسبة الإسلامية تستوجب الاحتفال بها، وعدم الالتفات الى الأسباب الطارئة، التي فرضتها بعض الاحداث الاستثنائية، وبالتالي فان الاستسلام والركون للأجواء التي فرضتها جائحة كورونا، يمثل هزيمة واضحة تجاه الفيروس، الذي استوطن في الكرة الأرضية منذ عامين تقريبا، بيد ان الايمان الكامل بان الفيروس القاتل ضيف ثقيل الظل، وغير قادرة على تكريس وجوده لمدة طويلة، يدفع باتجاه تجاهل التداعيات السلبية الناجمة عن الويلات، التي خلفها طوال العامين الماضين على البشرية جمعاء.

التحولات الواضحة في الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، تعزز الاعتقاد بقدرة البشرية على توجيه الضربة القاضية للفيروس القاتل، فالجهود الكبيرة تمثل الخيار الأمثل لمواصلة الحرب الوجودية مع وباء كورونا، خصوصا وان الفيروس استطاع القضاء على اكثر من 4 ملايين شخص في غضون العامين الفائتين، فيما يتجاوز اجمالي الإصابات 180 مليون شخص، وبالتالي فان السماح للفيروس بالتمدد العمودي والافقي على الكرة الأرضية، يساعد في الفتك بالمزيد من الأرواح خلال الأشهر الماضية، بمعنى اخر، فان إرادة الحياة والقدرة على المواجهة المباشرة، واظهار الفرح، وعدم الاستسلام للمآسي المصاحبة لانتشار الفيروس، يعتبر احد اشكال المواجهة المباشرة.

يبقى عيد الأضحى المبارك فرصة للتعبير عن الفرح، فالعيد يدخل البهجة في النفوس، ويساعد على تناسي بعض الويلات، والمصاعب التي تواجه الانسان في الحياة، فضلا عن كون العيد مناسبة إسلامية تستوجب اظهارها، بما تستحق من الأهمية عبر اشكال عديدة، سواء كان على الاطار الضيق الذي فرضته جائحة كورونا، او من خلال بعض الممارسات الخاصة بهذه المناسبة السعيدة.

كل عام وانتم بخير وعيد اضحى مبارك.

كاتب صحفي