آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

أزمة أخلاق... أم خيال رجالٍ عجائز متخلِّفين؟

هل أنا، وكثير من أبناء جيلي، أصبحنا ذلك ”الرَّجل الكبير الأخرق“، أم العَالَم حقًّا تغير وأصبحت كثير من معاملات النَّاس قشريَّة؟ هو سؤالٌ أسأله نفسي بصراحة كلَّ يوم وكلَّ مرَّة أغادر فيها المنزل واختلط مع النَّاس، في الشَّارع وفي المحيط من حولي!

أظنّ أنَّ الجوابَ هو خليطٌ من نَعم ولا، فأنا وبعض أبناء جيلي - نعم - كبرنا وتغيَّرت الظروفُ من حولنا وأصبحنا في القاطرةِ الاجتماعية الأخيرة، ولم يعد مزاجنا يتحمل كثيرًا من التغيّرات، لكن أيضًا هناك ما هو جديد على كلِّ النَّاس، من استسهال مخالفةِ المعهود من معايير الأخلاق البسيطة. هل هو مطلبٌ صعب ومستحيل أن يكون لنا طقمًا واحدًا من الأخلاق نتَّفق عليه أنا وغيري، طقم المسجد وليس الشَّارع؟ أم أنَّ هذا مستحيل؟ فإذا كنَّا في المسجد متوادِّين متحابِّين، وكلنا فضلاء، وحالما نغادر المسجد تترك ذلك الطَّقم من الأخلاق ونلبس الآخرَ السيِّء!

جرِّب الآخر في أدبه وأخلاقه في الشَّارع، وفي معاملاته مع غيره! جرِّبه في حالةِ الغضب، فإن كظمَه وعفا، فهو من تبحث عنه. وإذا ما أردتَ أن تعرف أخلاقَ النَّاس، لا تذهب إلى المسجد لأنك سوف تسمع ”اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا“، وتلاحظ قاعدةَ التَّسامح والمجاملة في المعاملة من لحظةِ دخولك، وتنتهي لحظة ما تتواجه أنتَ وذلك المؤمن في الشَّارع وتحتكّ به ليعرف معدنكَ وتعرف أنت معدنه، حديد أم ذهب!

”إنما بعثتُ لأتمم مكارمَ الأخلاق“، وإنما في اللّغة العربيَّة كما يعرف النُّحاة هي أداة حصر، فكل ما جاءَ به الإسلام يدعو للأخلاق حتى نصل إلى مرتبة ”أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم خلقًا وخيركم لأهله“، ولما أرادَ الله أن يمدحَ النبيَّ محمَّد صلَّى الله عليهِ وآله قالَ عنه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ.

كيف فينا هذه الوصايا، ثم لا نستقيم في الشَّارع كما في المسجد، ويصبح جُلّ ما نطمح أن تكون أخلاقنا - في أفضل حالاتها - مثل نموذج الأخلاقِ الغربيَّة وسلوكياتنا مثل سلوكياتهم؟!

مستشار أعلى هندسة بترول