آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

لا تبع عقارًا!

وصيّة كنَّا نسمعها من الذين سبقونا - لا تبع عقارًا - لا أرضًا ولا بستانًا ولا مزرعة، وكنّا في غمرةِ الشَّباب أحيانًا نشك في جدوى هذه النَّصيحة، إلا أنه تبين بالواقع أن العقار ليس فقط مُلكًا يباع ويشترى، بل أرضًا وسكنًا ومالًا يحتفظ به ويحافظ عليه.

كان المزارع يتمسك بمزرعته وبستانه، وقطعة الأرض التي يملكها، كبيرةً كانت أم صغيرة، ويعتبرها عنوانًا لتميزه، لا يبيعها إلا إذا مسَّه الضرّ. وإذا أحبّ أحدهم أن يبيعَ قطعةَ أرض، نصحوه: أنتَ خسران مهما ربحت، ومن يشتريها منكَ رابحٌ مهما خسر، استفد منها في حياتك أو تكون لأهلكَ بعدَ مماتك.

بصراحة، أصعب ما يخاف منه الرجل في هذا الوقت أن يموتَ وعنده عيال ليس لديهم عقار سكن، يلمّهم بعد مماته. قال النبيّ ﷺ للأنصاري حيث أعتقَ عند موته خمسةً أو ستة من الرَّقيق، ولم يكن يملك غيرهم، وله أولاد صغار: ”لو أعلمتمونِي أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين، تركَ صبيةً صغارًا يتكففون النَّاس“. فلعلنا نستفيد من هذه الحادثة أن يترك الإنسان - المستطيع - لعياله سكنًا أفضل من أن لا يترك لهم سكنا!

وردَ عن أئمة أهلِ البيتِ عليهم السَّلام، أن ”بائع الضَّيعة ممحوق ومشتريها مرزوق“، وكراهة بيع العقار إلا أن يُشترى بثمنه مثله واستحباب شرائه. قال أبو جعفر «عليه السَّلام»: مكتوبٌ في التوراةِ أنّه من باعَ أرضًا وماءً فلم يضع ثمنه في أرضٍ وماء ذهبَ منه محقًا. وعن مسمع قالَ: قلتُ لأبي عبد الله «عليه السَّلام» إنّ لي أرضًا تطلب منّي ويرغبونِي. فقال لي: يا أبا سيار، أما علمتَ أنّه من باعَ الماءَ والطّين ولم يجعل ماله في الماءِ والطّين ذهبَ ماله هباءً. قلتُ: جُعلتُ فداكَ إنّي أبيع بالثمن الكثيرة وأشتري ما هو أوسع رقعةً منه، فقالَ: لا بأس.

وعلى العكس من كراهةِ بيعِ العقار، شراء العقار مستحبّ، ولينَظر من أرادَ أن يعرف من أينَ كسب التجار والأثرياء - في كلِّ مناطق العالم - أموالهم، وكم تضاعف ثمن العقارات؟! هذا الماء والطِّين هو مالٌ وسكنٌ ووطن، يورث ولا يباع. قال أبو عبد الله «عليه السَّلام» لمصادف مولاه: اتخذ عقدةً أو ضيعة، فإن الرجل إذا نزلت به النّازلة أو المصيبة فذكر أن وراءَ ظهرهِ ما يقيم عياله كان أسخى لنفسه.

خلاصة النصيحة: لا تبع عقارًا، فقط رغبةً في ثمنه!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
أبو حسين
[ تاروت ]: 20 / 9 / 2021م - 9:20 م
يا بو علي مهما ملك الإنسان من مال وعقار، فمصيره حفرة تضم جسده، وبعدها يصبح جيفة تأكله الدود.. والسعيد من يقدم عملاً صالحاً لنفسه وأهله ومجتمعه يذكر فيه بالخير ويترحم الناس عليه.. وأما من ملك الأراضي وإحتكرها دون تعميرها فهو ضيق على الناس، وحرمهم من بناء مسكن يأويهم وأسرهم.
مستشار أعلى هندسة بترول