ماذا يحدث حين ينظر دماغك إلى نفسه؟
أكتوبر 2021
بقلم تارين بالسدون، باحثة ما بعد الدكتوراه، المدرسة العليا للاساتذة، فرنسا
وباسكال ماماسيان، علم النفس التجريبي، المدرسة العليا للاساتذة، فرنسا
ڤالنتين ويارت مديرة بحوث علوم الأعصاب، المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحث الطبي Inserm
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 276 لسنة 2021
What happens when your brain looks at itself?
October 4,2021
Tarryn Balsdon Postdoctoral researcher، École normale supérieure «ENS» - PSL
Pascal Mamassian chercheur CNRS en psychologie expérimentale، École normale supérieure «ENS» - PSL
Valentin Wyart Directeur de recherche en neurosciences، Inserm
في عام 1884، أثناء محاولتهما تحديد حدود الإدراك الحسي البشري[1] ، اكتشف تشارلز بيرس Charles Pierce وجوزيف جاسترو Joseph Jastrow شيئًا آخر: حدود تبصرنا بأنفسنا «[3] ,[2] ».
قلل المشاركون في التجارب من قدراتهم بشكل منهجي على الحكم على «تقدير» أحاسيسهم sensations بشكل صحيح،
لحسن الحظ، هذه التداعيات المعينة تُركت «كما تركت العلاقة المفاهيمية بين التخاطر / توارد الأفكار وبين الاستبصار الانثوي female insight». ولكن بحلول أواخر السبعينيات من القرن الماضي، هذه المقاربة المتمثلة في مطالبة المشاركين بتقييم أدائهم انبثقت كحقل بحثي قائم بذاته: دراسة ”ما وراء المعرفة[4] .
بشكل عام، هذه القدرة على التأمل الذاتي والتفكير في أفكارنا تتيح لنا أن نشعر بثقة أكبر أو أقل في قراراتنا: يمكننا التصرف بشكل حاسم عندما نكون واثقين من أننا على صواب، أو نكون أكثر حذرًا بعد أن نشعر بأننا قد ارتكبنا خطأً.
هذا يؤثر في جميع جوانب سلوكنا، بدءًا من التأثيرات المجردة طويلة الأمد كتحديد أهداف حياتن، إلى التأثيرات الأساسية للحكم على «اقييم / تقدير» أحاسيسنا sensations «ما نراه ونسمعه ونشمه ونتذوقه ونلمسه».
لسنا دائمًا بارعين في ما وراء المعرفة. بعض الناس لديهم ثقة مفرطة بشكل عام، والبعض الآخر يفتقر إلى الثقة، ومعظم الناس يشعرون أحيانًا بثقة كبيرة حيال خيارهم السيئ.
من المعروف أن ما وراء المعرفة يتطور «يظهر» خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة، وما وراء المعرفة السيئة متورطة في العديد من الاضطرابات النفسية[5] .
من الواضح أننا بحاجة إلى تطوير أدوات تعليمية لما وراء معرفية[3] وعلاجات لما وراء معرفية لتحسين ما وراء المعرفة. لكننا ما زلنا بعيدين عن الفهم الكامل لكيف تعمل.
كيف يمكن للدماغ أن ينظر إلى نفسه؟
حتى يفكر المرء في أفكاره، على دماغه أن ينظر إلى «في» نفسه بشكل فعال.
من الناحية النظرية، في أي لحظة بعض من مئات المليارات من الخلايا في الدماغ تجتمع معًا وتفكر في فكرة ما أو تشعر بشعور ما أو تقوم بفعل / بتصرف ما، وتقوم أيضًا هذه الخلايا بالإفادة عن مدى نجاحها في عمل ذلك. جميع عمليات الدماغ تُراقب وتُقيم، مما يفضي إلى ما وراء المعرفة. أحد الأسئلة الكبيرة هو: كيف [تجري هذه العملية]؟
في مختبرنا، ندرس ما وراء المعرفة في أبسط أشكالها، أي قدرتنا على الحكم على «تقييم» أحاسيسنا.
ما زلنا نستخدم أساليب مشابهة للأساليب التي استخدمها بيرس وجاسترو. في تجربة مألوفة، سنعرض على المشاركين صورة ونطلب منهم اتخاذ قرار بسيط بشأن ما يرونه، ثم نسألهم أن يقيموا مدى ثقتهم في أنهم اتخذوا القرار الصحيح. كمثال بسيط، كان بإمكاننا أن نعرض عليهم خطًا عموديًا تقريبًا ونطلب منهم الحكم على ما إذا كان هذا الخط مائلًا إلى اليسار أو إلى اليمين. ينبغي أن يشعر المشارك بمزيد من الثقة عندما يشعر أنه ليس بحاجة إلى أن يعيد النظر الى الخط مرة أخرى حتى يتأكد من أنه اتخذ القرار الصحيح.
نسميه ”القرار القائم على الدليل decision evidence“. تمامًا كما هو الحال في المحكمة، حيث ستقرر هيئة المحلفين ما إذا كان هناك دليل كافٍ لإدانة المجرم، الدماغ يقرر أيضًا ما إذا كان هناك دليل كافٍ للثقة في اتخاذ خيار ما.
هذه في الواقع مشكلة كبيرة لدراسة ما يجري / يحدث في الدماغ عندما يشعر الناس بمزيد من الثقة مقارنة بشعورهم بعدم الثقة، لأن الاختلاف في الثقة هو أيضًا اختلاف في القرار القائم على الدليل. إذا وجدنا اختلافًا في نشاط الدماغ بين الثقة العالية والثقة المنخفضة، فقد يكون هذا في الواقع بسبب أدلة كثيرة مقابل عدم وجود أدلة «يُنظر إلى الخط بكونه أكثر ميلًا مقابل كونه أقل ميلًا / غير مائل».
نحتاج إلى فصل نشاط الدماغ المرتبط بعملية الحكم على ميل الخط عن نشاط الدماغ المرتبط بالشعور بالثقة في الحكم على هذا الميل.
فصل الثقة عن القرار القائم على الدليل
لقد وجدنا مؤخرًا طريقة للتمييز بين هاتين العمليتين[5] ، من خلال فصلهما في الوقت المناسب. في التجربة، قمنا بقياس نشاط أدمغة المشاركين أثناء اتخاذهم قرارات بشأن سلسلة كاملة من الصور المعروضة عليهم واحدة تلو الأخرى.
The task at hand in our experiment. Tarryn XYZ، Fourni par l'auteur
تمكنا من رؤية ما يحدث في الدماغ عندما شاهد المشاركون الصور وتوصلوا إلى قرارهم. في بعض الأحيان، التزم المشاركون بقرارهم قبل عرض جميع الصور. في هذه الحالة، رأينا توقف النشاط المتعلق باتخاذ القرار. لكن بعض النشاط في الدماغ استمر.
على الرغم من أن المشاركين اتخذوا قرارهم مبكرًا، إلا أنهم ما زالوا يتفحصون check الصور الإضافية ويستخدمونها لتقييم مدى ثقتهم. في هذه الحالات، انتهي نشاط الدماغ المتعلق باتخاذ القرار، لذلك لا يمكن الاشتباه بينه وبين النشاط المتعلق بالثقة.
نشاط الدماغ أثناء القيام بالهمة متموضع في القشرة الدماغية: الثور نن اليسار الى اليمين: 1 - النشاط يبدأ في القشرة البصرية الواقع في الخلف من الدماغ، 2 - ثم ينتشر النشاط بسرعة ويغطي كل الدماغ، 3 - الصورة الأخير علي اليمين: وجد الباحثون أن النشاط المتأخر في مقدمة الدماغ مرتبط بالثقة
اتفقت نتائجنا الأولى مع نتائج الكثير من الأبحاث السابقة: وجدنا نشاطًا متعلقًا بالثقة في مناطق الدماغ التي ترتبط أيضًا بالسلوك المدفوع بالهدف.
لكن عند دراسة نشاط الدماغ هذا عن كثب، ومحاولة معالجة مسألة كيف ينظر الدماغ إلى / في نفسه، صادفنا سؤالًا مختلفًا: متى؟
إدارة دقيقة «مكروية» بالغة
النظرة الافتراضية لما وراء المعرفة هي أن المرء يتخذ قراره أولاً، ثم بتحقق من مقدار الأدلة التي بحوزته حتى يشعر بالثقة - أولاً يقوم بالتفكير، ثم يفكر في التفكير. ولكن عندما درسنا نمط نشاط الدماغ المتعلق بالثقة، وجدنا أن هذا النشاط تنامى حتى قبل أن يتخذ المشاركون قرارهم.
هذا مثل عد المرء لكتاكيته قبل أن يفقس البيض. الدماغ هو أكثر الأجهزة الكمبيوترية التي نعرفها كفاءةً، لذلك من الغريب أن نعتقد بأن من شأنه أن يفعل شيئًا غير ضروري.
طريقة العرض الافتراضية default view للدماغ توحي بدور كبير لما وراء المعرفة في تعديل السلوك في المستقبل: تتأثر أفعالنا اللاحقة بمدى ثقتنا في قراراتنا وأفكارنا ومشاعرنا، ونستخدم مستوى ثقة منخفض لنتعلم ونحسّن من مستوياتنا في المستقبل.
ولكن هناك امكانية إضافية: يمكننا استخدام الثقة أثناء نقاشنا / تداولنا لمعرفة ما إذا كان يتعين علينا البحث عن المزيد من الأدلة أو إذا كان لدينا ما يكفي منها للتعهد بالالتزام بقرار ما.
في تجربة منفصلة[9] ، وجدنا بالفعل أن الناس الأفضل في ما وراء المعرفة هم أيضًا أفضل في معرفة متى يجب التوقف عن المداولات / النقاشات والتعهد بلالتزام بالقرار. وهذا يشير إلى أن الدماغ يمكن أن ينظر باستمرار إلى / في نفسه ويراقب ويقيم عملياته من أجل التحكم في كفاءته؛ نظام إدارة دقيقة إلى أقصى حد.
بعد مرور أكثر من 130 عامًا على سؤال بيرس وجاسترو اللذين سألا لأول مرة عن دور ما وراء المعرفة، ما زلنا نكتشف أساليب جديدة أن هذا النوع من التأمل الذاتي يُعد مهمًا. واثناء قيامنا بذلك، نكتشف أيضًا المزيد عن الدماغ وقدرته المذهلة على النظر إلى / في نفسه.