آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

زوايا أسرية 19

محمد الخياط *

كانت تهرب منه وتشيح بوجهها عنه لتخفي ضعفها وحزنها والرعب الداخلي الذي أحاطت به نفسها، مرسلة عبارات غير منطوقة... أنك أصبحت ضيفاً ثقيلاً غير مرحب به هنا فعد من حيث أتيت... عد إلى هناك... عد إلى من يبرد قلبك أو يسلبك من بيتك وإنسانيتك وأبنائك، لن أقبل منك العطف ولن أغفر لك هذا الصنيع الذي زاد معاناتي جرحاً نازفاً لا يُشفى وأمات المشاعر وتركني في بحر ٍلُجِي يموج لتسقيه العواصف غموضاً، وتقلقه الوحدة وأنا في أشد مرحلة الألم الذي حبسته عنك خلال الشهور الماضية ولم آلو جهداً أن أسقيك السعادة فأسقيتني المرُّ والحسرة والندامة... ماذا يعني ذلك؟ خيم الصمت لبرهه من الزمن مستنكراً الزوج هذا الأسلوب غير المعتاد منها، طارحاً استفهاماً واستنكاراً مصحوباً بالتهديد والصراخ وهو يبحث عن معنى ودوافع لهذا السلوك، وفي ذات الوقت هو في حالة من الذهول يبحث عن الاجابة مصحوبة بالخوف أن يُفضح سُره...

دموعها الحارقة تملأ مقلتيها وكلما اقترب منها تصاعد نحيبها الذي يفطر القلوب ذات الضمير الحي حتى غالبها التعب وغابت عن الوعي لفترة قصيرة بعد أن كان حديثها يملأه الكثير من الهذيان لمفردات الموت والمرض ولماذا؟ وكيف وأنا صغيرة من سينقدني هل سيتركني؟ مع مَن أتحدث وأبوح بما أشعر به من خوف لألم ألم بي وقاربني للموت المحتوم؟!

هنا صمت الزوج وعشرات الأسئلة تدور في خلده عما حل بتلك المرأة... هل حدث أمر عرضي صدمت به؟ هل كُشف سرٌ... أو مات أحدهم... أو عرفت أني متزوج من امرأة أخرى خارج الوطن؟ لم يستقر لي فكر ولا جسد، أصبحتُ أُقلب الأمور، وما عساي أن أفعل وهي رافضة للحديث والبوح بما يدور في خلدها خافية الكثير عني وأنا زوجها وأقرب الناس لها إلا أنها تُحدث نفسها بكلمات أدرك بعضها ويغيب عني بعضها بقولها..

* أصبحت رقماً وعابرة سبيل في هذه الحياة والموت يلاحقني...

* زوجي أخاف أن أخبره ويزيدني هماً على همي ويهمُلني... نعم أحمل عليه لكن...

* أين سيكون رفيق دربي وأنا على السرير الأبيض؟

* أبنائي صغار من المسؤول بعدي؟

نعم متعلقة به وأحبه كثيراً وأن كنت أراه إلى وقت قريب متعلقاً بي إلى أن علمت بما حل بي من مرض ٍ لن أعيش طويلاً... نعم هو القدر المحتوم والله رحيم بعبادة وقادر على تغير مجريات الأمور، لكن المجريات الطبيعية لهذا المرض والتقديرات البشرية العلمية الطبية لها كلمة الفصل لن تعيشين طويلاً...

صُرع الزوج لهول الخبر وجهش بالبكاء وأعاد التساؤل مرة أخرى ماذا حل بك؟ ومن أين هذا الحديث؟ ومتى علمتي به؟ لم يتمالك نفسه وهو يلملم هدوءه ويقترب منها أكثر ويحضنها لم تخبريني بذلك أين هو التقرير؟ ومن أي مستشفى؟ ومَن الطبيب الذي أخبرك بذلك لم تقف التساؤلات عند هذه الحدود وهما بين صمت وبكاء وعلامات الاستفهام والتساؤل والخوف يسيطر عليهما...، بينما هما في حالة إرهاقٍ وخوفٍ من المجهول تصرخ الزوجة مرة أخرى بين التساؤل والرفض مبعدةً جسدها عنه وهي تصرخ من جديد في وجه أخرج من هذا البيت توجه لمن يُبات في حضنك، ما حل بي هو أنت أحد أسبابه جعلت من هذا البيت يتصدع منذُ شهور دون أن تدرك بوجعي ومرضي المشخص بالسرطان في الدماغ ومكسورة النفس ومفجوعة لإهمالك وسفرك المتكرر وزواجك في تلك البلد والناس تعلم وأنا آخرهم، كسرت ما بقي من احترامي وتقديري وحبي لك، تناسيت العشرة والأبناء مما زادني حزناً على حزني وألماً لا يبارحني فانعكس ذلك كثيراً على صحتي وحياتي اليومية وتواصلي مع أبنائي، فهل بعد هذا تسالني عما حل بي، ولماذا لم أبوح لك؟ سؤالك يُثير الاشمئزاز، حان الوقت للانفصال فاخرج ولا تعود، أو اتصل بأهلي وأعود لهم وأخبرهم بمن وثقت به وملّكته كل حياتي وأنجبت له الأبناء وأغدقت عليه بالحب والعفة والطهر والصدق وحتى بالمال لم أشح عليه يوماً ساعية بذلك للحياة الكريمة، لكنه أنكر ذلك فطلبت منه وأنا في أيامي الأخيرة أن يتركني أرتاح وإن كان ذلك سينعكس على ابنائي لا همال الأب وغيابه المتصل وحزنهم عند موتي وهم أطفال أكبرهم لم يبلغ الحلم،،

رسالة لحروف ناطقة

هذه الرسالة الموجعة للقلب المؤلمة بحروفها الناطقة والصامتة في جُلها تحتاج الكثير من التأمل والوقوف على مفاصلها ودائرة التأثير والمؤثر والمُثير فيها... وهل هناك وجهات نظر لتوصيات لهما لاسيما وأن الامر في زاوية الأهم ليس لنا فيه خيار ومتروك للمعالج والجهة المختصة بذلك النوع من الامراض القاتلة في أغلب الاحيان لكننا لن نألو جهداً ولن ندع سعياً جاداً إلا بذلناه وفاءً لثقتها بنا كجهة متخصصة في التوجيه والإرشاد النفسي والاجتماعي والزوجي فالإجابة على هذه المرأة المصدومة بمرضها وزوجها أصبح من الواجب وإن كان عبر توصيات لهما تحاكي النفس المطمئنة وتحدُ من التفكير السلبي لتقربهما من بعض عبر جلسات مع الأخصائي النفسي لرفع المعنويات الشخصية وتهذيب سلوكهما مع الأخذ بعين الاعتبار حالتها المرضية ووجود الأطفال وجعل مسار العلاج الدوائي مستمر بعيداً عن حجم الصدمة بزواج الزوج من امرأة أخرى الذي سيتولى الأخصائي النفسي الحد منها وجعلها في دائرة مغلقة أو ضبطها حتى يتم تحقيق نتائج واستجابة تتبناها المريضة عبر تحجيم المشكلة والابتعاد عن الانفعالات والأفكار السلبية المثبطة وتحديد الأولويات عبر بناء أفكار ومعتقدات والبحث عن حلول لاستبعاد تأثير الماضي المؤلم والاهتمام بالتشخيص الصحيح الذي لا غنى عنه وتحديد مستوى ونوع السرطان وما هو المقرر والمحدد للعلاج أو الجراحة... مع علمنا أنه من الامراض المستعصية ويمر بمراحل أصعبها على المريض الانكار وعدم التصديق والقلق والتوتر، بعدها مرحلة التقبل والتعايش مع المرض بإيجابية أو سلبية خصوصاً الرد الفعلي الأول لمرضى السرطان الخوف من الموت.

كلمة عابرة

تكمن المشكلة في عدم قبولها البقاء على ذمة الزوج لوجود يأس من الحياة والشعور بالخوف من الموت، ولزيادة الاهمال للترسبات النفسية السابقة بين الزوجين وتعمد الصمت، فيما يعاني كلاً منهما البُعد النفسي والجسدي واخفاء عن بعضهما البعض الكثير لاسيما عند ما علمت الزوجة عن زوجها الزواج من أجنبية ولم يخبرها بذلك مع مرور الزمن ويُكشف سر الزوج واستفحال المرض، ازداد النفور المسكوت عنه وحلّ التجافي والتصحر موجهةٌ سهام الكذب والخديعة والوقاحة والجهل والسذاجة لزوجها وللغباء والحماقة والخوف والطيبة والجهل لنفسها، لسكوتها عوضاً عن ذلك الحب والعلاقة المشهود لها بين الجميع في السنوات الماضية وقبل الصدمة ومعرفة حدود المرض الذي أجج الصراع القاتل للحب في إمكانية الحد منه والانفجار الممزق لما بقي من علقة تشدهما لبعض لاسيما في هذه المرحلة من المرض...

وطأة المجتمع

طبيعة البشر تتأثر بما يحيط بها من مؤثرات فكيف إذا ما كان الموضوع يفوق القدرة أحياناً لشدة المعاناة المرضية والصدمة النفسية بالزواج، ووطأة الضغط المجتمعي الذي تعبيره وسلوكه في كثير من الأحيان صارخ وغير منضبط ولا منصف في المنقول والتشخيص، وغير مبال لمشاعر الآخرين، والأصعب من ذلك حين يعتبر الموضوع مجرد أمر عادي وواقعي في الحديث عن أخبار الناس وتوجيه سهام الغيبة والنميمة والاتهام بالتقصير مشخصين ذلك بالاحتجاج على سلوك الزوجين جاعلين احدهما ظالم والآخر مظلوم أو مشتركين في ظلمهما لبعض متناسين أولئك الناس سلبية هذا الطرح الذي يحمل في ثناياه الغيبة المدمومة شرعاً والمدمرة لكثير من العلاقات الانسانية لقوله تعالى: j ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ الحجرات 12

كما أن الأمر سينعكس سلباً على أحد الزوجين لشعوره بالظلم والتنمر والنقمة على الآخر والمجتمع، وقد يقود أحدهما لفعل مأساوي أو دفعه للانحطاط لتدخل البعض في حياة الآخرين بجهل أو ادعاء المعرفة دون علم وامكانية حقيقية في تشخيص جذور المشكلة والمساهمة في الحلول لتخفيف حدة الخلاف وتفكيك الترابط بين الصدمة النفسية والمرض العضوي وتأثير كلاً منهما على الآخر هو نصف الحل لوجود أعراض حقيقية لمرض عضوي لشخصية تخضع لعلاج السرطان وجلسات نفسية ترفع من معنوياتها بالإضافة إلى جلسات خاصة للزوج والأبناء والمحيطين بها، ومن الأساليب المتبعة والداعمة في هذا الصدد الاجتماع مع المتعافين ومن هم تحت العلاج.

مسارات لمستقبل مجهول

أصبح الجميع يدرك أن المسالة ليست خلل في التفكير والمشاعر وليس سوء فهم بين زوجين كان يعيشان في رغد العيش والحب ورعاية الأبناء وتغيير وضعهما إلى شتات في النفس والجسد ليس لسلوك غير أخلاقي فقط، الموضوع هو أكبر من ذلك المفهوم والدوافع والمعتقدات النفسية،،

هو مرض حقيقي وجلسات علاجية مؤلمة وطويلة الأمد ومخاوف تتعلق بوجود مرض عضوي لخلل كيميائي في الدماغ أشلّ الكثير من التوازن والاستقرار النفسي عند الزوجة، هذه المعاناة تحمل في طياتها انطباعات أقعستها عن ممارسة نشاطها وحياتها المهنية والتربوية لأطفالها وسلوكها اليومي وصعوبة الخوض في عالمها الداخلي، لتأخذنا إلى أعماق أبعد دون التطرق لتفاصيل علمية تشخيصية تحاكي آلية العلاج اليومي المتعلق بالسرطان، وإن كان قرار العلاج يجب أن يتخذ جانب السرعة مع ادراكنا أنها ستخوض معركة وقت عصيب في الفترة الأولى للخوف من غياب الأحبة في فترة المعالجة، فتزداد عندها حدة المزاج والغضب والقلق واضطراب الاكتئاب وكثير من العواصف المحزنة والعواطف السلبية تكون حاضرة في تلك اللحظة... مع الشعور بالخوف والضعف، وغير خافٍ على الجميع ما يحدث من تغيرات جسدية في بداية العلاج من اسمرار وانحلال في الجسم وتساقط الشعر وتغير في لون البشرة وغيرها من الأمور... التي هي مرتبطة مباشرة مع الجهات ذات الاختصاص...

مسارات بعيون ومشاعر مختلفة

ندرك أن المرء في حياته الطبيعية يواجه كثيراً من الصعوبات كشفتها الآلام في تغير بعض القناعات، فكيف إذا ما كان الأمر بشخصية تعيش صدمة المرض وخبر زوجها والخوف من انعدام المساند الحقيقي لها في مثل هذا الظرف، من هنا تم التأكيد على:

  •  إن للعلاقة الحسنة والمملؤة بدفء المشاعر يمكن تحقيقها عن طريق تزويد المريض بالدعم المتواصل لصون عافيته البدنية والنفسية والاجتماعية والمعنوية لرفع وتحسين معدل الشفاء وتقليل حدة الأعراض الناجمة عن العلاج الإشعاعي والكيميائي والدوائي مع التأكيد على الرعاية النفسية عبر الأخصائي المتخصص لتخفيف المعاناة الجسدية والنفسية مع أهمية تزويد الأسرة بمعلومات ومهارات سلوكية لتخفيف الآلام والرعاية المُلَطفة...
  • معرفة حقيقة المرض ومستواه وطبيعة العلاج مع التزام الزوج ومساندته الحقيقية في الذهاب والحضور معها أثناء العلاج والتوازن في ردة الفعل الصادرة منها مع ترك مساحة تُعبر فيها عما تمر به من حزن وعدم القسوة أو تحقير مشاعرها...
  •  الطبيعة البشرية عنيدة تحارب وترفض التغير لإحساسها العميق بعدم الشعور بالأمان خصوصاً في مثل هذه الحالة التي تفضل البقاء في دائرتها على العمل في اصلاح وضعها لمشاعر البؤس أو الخوف من المخاطرة لاستغلال زوجها لضعفها في نمط الحياة ولوضعها النفسي لا تقبل التبديل فتخيب آمال الساعين في تغيير المخاطر المحتملة مع ادراكنا بحجم المعاناة التي تلعب دوراً مهماً في بلوغ حالة السكون النفسي من عدمه.
  •  التزام الزوج بالتواجد معها أكثر وقت ممكن في البيت والمستشفى مع التقرب واحضار الأبناء لها وعدم الخوض في الأحاديث المتعلقة بخلافهم الزوجي.
  • منع لحاق أي ضرر نفسي يجعل من المريضة في حالة من الحزن والتوتر.
  • التأكيد على خلق عنصر التسامح وتحفيز العواطف وتهيئة التواصل لتقليل مستوى الحزن والعصبية والخوف من الموت وحتى شدة الفرح المفاجئ.
  • معرفة كيفية التحكم في الانفعالات والمشاعر وإن كان الأمر فيه من الصعوبة لخوف الكثير من الشعور بالسعادة تحسباً لارتفاع مستوى السرطان مرة أخرى وإن كان هذا المفهوم غير مدلل عليه علمياً وهو في دائرة الاحتمال أو النفي.

ميلاد ثاني

أن القبول بالعلاج مع رفع مستوى المعنويات الشخصية هو بمثابة ولادة أمل للحياة وقد يكون هو بمثابة الميلاد الثاني لها، وللخروج من ظلمة اليأس والاستمرار بالعلاج وحب الحياة مع الدعم النفسي وبمساندة الزوج والأسرة لإنهاء حالة شدة المعاناة والألم ومستوى الحزن والتفكير السلبي الذي يحدُ من مستوى معدل الشفاء لاسيما عندما تُكتشف مبكر وتعالج وفق أفضل الممارسات العلمية وفي جهات متخصصة تعمل على مبدأ العلاج الدوائي والنفسي والغذائي.

  • يمنع كل حديث يخوض في المرض ونظرة الشفقة وصعوبة العلاج.
  •  يعيش مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي تقلب شدة المزاج ويعود ذلك لما يطلق عليه الارهاق والتعب ألامحدود، لعدم قدرتهم على التأقلم الجسدي والنفسي وعدم التقبل في بداية العلاج...
  • عمل جلسات استرخاء والتوكيد على العبارات الإيجابية.
  • العمل على إعادة الثقة بالنفس وبأهمية العلاج ولتحفيزها على انهاء بعض الأمور التي كانت تود القيام بها وتذكيرها بالمآثر والمنجزات التي قامت بها سابقاً وأصبحت لها قيمة...
  •  القيام بعمل بعض التمارين الذهنية والكلامية لبقاء الذاكرة حاضرة متحفزة بالإيجابيات لتجاوز ماهي فيه ورفع مستوى شعورها بالقوة والدافعية للنجاح وأنها قادرة على الثقة بعقليتها وقوة جسدها من خلال مهارات التكيف الصحي وتحمل المواقف.
  • التواصل الدائم مع مجموعة المتعافين وحضور الجلسات الجماعية للتزود بتجارب وتغيير نمط المعيشة اليومية مع الالتزام بخطة العلاج الدوائي والنفسي والغذائي وإن كان فيها كثير من الانهاك أو الشعور بالنقص مع فقد الدافعية أحياناً أو الشعور الزائف بالشفاء، ومن المهم هنا الاشارة إلى كبح أي توتر وعدم الاستسلام، فوجود الارادة يعد من أهم مقومات الشفاء ونجاح العلاج لتحفيز الجهاز المناعي عند المريض.

لم تنتهي الغاية

ستقف كما الكثير على مدلولات الصور الذهنية لقضيتنا المتخيلة والرمزية في بقعة من بقاع هذ الكون الفسيح وتبحث في تفكيك عناصرها والاحاسيس والآمال والصراعات الغامضة التي لا يمكن التعبير عنها بالتحليل والشرح المنطقي والعقلي فقط دون أن تكون ممن له أبعاد معرفية أكاديمية في هذا العلم، فالغوص في هذا العلم والصراعات الجدلية تذهب بك إلى ما وراء الحدود المنطقية والعقلية لجوهر الاشياء المتفق عليها أو المختلف عليها علمياً وإنسانياً، فلا أستطيع شرح ما تعتقد أنه عين الحقيقة أو أقرب إلى الواقع فتشعر بالعجز لوجود هزات نفسية تتلاطم كالموج الهائج فيلوذ الكثير إلى الصمت والدعة للعجز ولعدم مقدرتهم السباحة في الأغوار الغامضة والخوض فيها خارج ميدان الكلمة، فلا سبيل لمنتهى الغاية المنشودة إلا بالعلم المتخصص والتعرف على سير وأغوار حقيقة المرض الجسدي والسلوك الانساني بأدق تفاصيله ومستقبلة ومصيره، وهذا لا ينافي التجارب الوجدانية السلوكية الانسانية النفسية وكل ما يعد مقوما لمقومات جودة الحياة وسعادة الانسان مع التنبيه الدقيق هنا إلى: أهمية لعلاج الطبي والنفسي لا يكون إلا في جهات متخصصة ولها من الامكانيات ما يشاد به...

فصول لم تكتمل

لازالت المعاناة مستمرة مع تحقيق كثير من الايجابيات على المستويين:

1 - العلاج الكيميائي والدوائي بعد الخضوع لعدة عمليات جراحية وجلسات اشعاعية استجاب لها الجسد بشكل جيد...

2 - العلاج النفسي السلوكي شكل أهمية كبرى في استمرار قبول تدخل الزوج مباشرة مع الطبيب والمعالج الكيميائي والاخصائي النفسي لتخفيف ما يطرأ عليها من متغير في الجسد والنفس إلا أن الاستمرار في الشكوى من علاقتها بالزوج مستمرة وفي تدمر مع وقوفه الجاد إلى جانبها طوال فترة العلاج بالمال والوقت ومراعات الأبناء التي امتدت سنوات إلى جانب سفره معها المتكرر داخل موطنه ولعدة دول متخصصة في علاج السرطان...

إلا أن معالجة فكرة الانفصال والجفاء العاطفي بينهما تقلصت إلى مستوى لم تعد تحاوره أو تعاتبه كما كانت في الماضي القريب وأصبح فكرها مشتّت في العجز المحتمل للعلاج مع وجود كثير من البوادر الايجابية الملموسة على مستوى الجسد والتقارير الطبية إلا أن قلقها واكتئابها ظل شاخصاً في أكثر اللقاءات التي تفيق فيها بالسؤال توجهه إلى الطبيب، هل الحياة أصبحت محتملة أو هي افاقه ما قبل الموت...؟!

عاجلاً أو آجلاً

يتحقق الهدف دائما في صور ناتجة عن تفاعل يُمارس تأثيرٌ مباشرٌ مع الشخصيات في بنية عالمها الذي تعيش فيه مع مواجهة التحديات والاتجاهات المختلفة المتشابكة والمتداخلة أحياناً التي تعد من القضايا التخصصية والمعقدة في تركيباتها وتداخلاتها على مستوى الشخوص والأمراض السلوكية الأخلاقية والمجتمعية والاقتصادية، وشخصيتنا في هذا الفصل هي مجرد دراما لحدث وقضية مركبة في بُعدها المرضي وصراعها مع الزوج وعلاجهما السلوكي المعرفي في بناء قيم ترابطية تسمح لاستمرار الحياة الزوجية بدعم نفسي مع كل الاختلافات الناشئة عن الحدث وما دار بينهما من صراع وخلاف كاد يوصلهما إلى طريق مسدود وبيئة زوجية معادية للحياة وشلل غير منظور... وبقي السؤال المصيري...

إلى ما آل اليه مصيرها...؟

هل استمرت على العلاج واستجاب جسدها...؟

هل استقر وضعها النفسي بمرور الزمن وهي على قيد الحياة...؟

ماذا عن علاقتها بزوجها بعد أن بدل من الوقت والمال والسفر لعلاجها...؟

الاجابة تُركت للزمن ولك أن تُصيغها بما تراها مناسبة سلباً أو ايجاباً عبر حكاية كان ياما كان...،،،

 

كاتب سعودي ومدرب في شؤون الأسرة