آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 8:13 م

بكم تشتري نصيحة؟

أطلَّ اليوم شهر تشرين الثَّاني - نوفمبر - وهو الشَّهر الذي تستيقظ فيه البذور المدفونة في الأرضِ لتشقَّ طريقها نحو الحياة. هكذا هي النَّصيحة الطيِّبة مثل البذورِ المدفونة، متى ما وجدت ما يكفي من الماء والأرض الخصبة وضياء الشَّمس نبتت ثم كبرت واستطالت.

كان في القديم ثمن النَّصيحة يساوي جملا، والنَّاس يقولون: النَّصيحة بجمل. أما الآن قيمة النَّصيحة تساوي صفرًا عن شمالِ خاناتِ الأعداد. قليل من يشتري النَّصيحة وربما النَّاصح هو من يدفع الثَّمن، ضربًا أو شتمًا أو إعراضًا عنه وعن نصيحته. وفي هذا قال الأصمعي:

النصحُ أرخص ما باعَ الرجالُ
فلا ترددْ على ناصحٍ نُصْحًا ولا تَلُمِ

إِنَّ النصائحَ لا تخفَى مَناهِجُها
على الرجالِ ذوي الألبابِ والفهمِ

على هذا إليك هذه النَّصيحة: النَّصيحة بضاعةُ المؤمن يبيعها لمن يرغب فيها - بثمن أو دون ثمن - لا تتركها للأصدقاء والأحباب والأقرباء. إذا كانت النَّصيحة ثمينة سوف يشكرونك عليها غائبًا كنتَ أم شاهدا، حيًّا أو ميتا. وقد جاءَ في الحديث: عن أبي جعفر الثَّاني عليه السَّلام قال: المؤمن يحتاج إلى خصال: توفيق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه.

غلِّفها وزينِّها وجمِّلها، وكن النَّاصح الأمين. حتمًا سوف تجد من يشتريها، وإن لم تجد كفاك عذرًا عند الله أنك عرضتَ بضاعتك على من يحتاجها. صاحبك أو جارك استشارك، لا تبخل عليه بالنصيحة ”والمستشار مؤتمن“. وغير بعيد أن تكون صاحبَ عِلم، أو مستشارًا في عملك وأسرتك أو من - مشاهير اليوم - الذين يقدمون النَّصائح لملايين النَّاس، فإليك هذه المقولات التي صاغها الإمام علي عليه السَّلام في هذا الجانب:

- ليكن أحب النَّاس إليك المشفق الناصح.

- من خالف النّصح هلك.

- من نصحكَ فقد أنجدَك.

- من قبل النَّصيحة أمن من الفضيحة.

- مرارة النّصح أنفع من حلاوةِ الغش.

- لا تردن على النّصيح، ولا تستغشنّ المشير.

اليوم يقولون لك: لا تنصحه، دَعه ودع الخلقَ للخالق! كيف والخالق يقول: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ . ازرع النَّصيحة ودع غيركَ يقطف ثمارها، هي شجرةٌ من أشجارِ الجنَّة!

مستشار أعلى هندسة بترول