آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

زوج الأربع نساء.. أولاهن أوفاهن!

تزوج رجلٌ بامرأتين فذاقَ مرارةَ العيش، ثم ندمَ، فأنشأ يقول:

تَزَوَّجْتُ اثنتينِ لِفَرْطِ جَهْلِي
بِمَا يَشْقَى به زَوجُ اثْنتينِ

فقلتُ أصيرُ بينهما خروفًا
أُنَعَّمُ بين أَكْرَمِ نَعْجَتَيْنِ

فصِرْتُ كَنَعْجَةٍ تُضْحِي وتُمْسِي
تُدَاوَلُ بينَ أَخْبَثِ ذِئْبَتَيْنِ

كيف إذًا هو حال الذي جمعَ أربع نساء؟ الأولى تقادمَ عليها الزمن وشغلها العيال، فمال قلبه عنها مثل ميلان الشَّجرة التي تبحث عن أشعَّة الشَّمس - بكل أغصانها - وتشاغلَ عنها بحبِّ الثَّانية ثم الثَّالثة، أما الرَّابعة فهي الصبيَّة الرَّقيقة المليحة التي أخذ هواه منها ما أخذ.

مرضَ صاحب الأربع مرضًا أيقنَ أنه لن يشفى منه، فظنّ في نفسه أن واحدةً من الأربع يمكنها أن تؤنسه في وحشةِ القبر. سأل الصبيَّة التي أحبَّها أكثر من الأخريات: الآن أنا سوف أموت، هل تذهبي معي إلى قبري؟ أنتِ تعرفين كم أحببتك! فقالت له: هذا محال لا تطلبه، أنا شابَّة وبعد مدّة يكون لي زوج غيرك! كيف وأنتِ التي كلما حبوتك حبوةً قلتِ: أفديكَ بنفسي، أكان هذا كذبًا؟!

وهكذا رفضت الثَّالثة والثَّانية، فمن يحب أن يموت؟! لكن صوتًا جاءَ من بعيد، لم يألفه منذ مدَّة حتى كادَ أن ينساه من طولِ السنين: أنا أكون معك أينما تكون، في القبر وفي الجنَّة وفي النَّار. كان هذا الصوت الذي نسي نغمته صوت الأولى الذي ذكره بيتي شعر لأبِي تمَّام:

نقِّل فؤادكَ حيث شئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ

كم منزلٍ في الأرضِ يألفه الفتى
وحنينهُ أبدًا لأولِ منزلِ

ذلك الحبّ الذي وإن مرَّ عليه ما مر، يبقى كما وصفه المجنون، صاحب ليلى:

تَعَلَّقتُ لَيلى وَهيَ غِرٌّ صَغيرَةٌ
وَلَم يَبدُ لِلأَترابِ مِن ثَديِها حَجمُ

صَغيرَينِ نَرعى البَهمَ يا لَيتَ أَنَّنا
إِلى اليَومِ لَم نَكبَر وَلَم تَكبَرِ البَهمُ

كم في الحياةِ من عاشَ هذه التجربة؟ لابدَّ أنهم كثر الذين يستجيرونَ من الواحدة باثنتين أو أكثر - من الرمضاء بالنار - ثم عندما تنكسر أشرعةُ المراكب يعودون إلى غرفةِ النَّوم واللعبة القديمة التي ولد فيها حبٌّ تربَّع في القلب. ”ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم“ نفيٌ مطلق، يُضم إليه قوله تعالى: ”وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة“، إنما يجوز الجمع إذا أمكن مراعاة العدالة الكاملة بينهن، أما إذا خفتم أن لا تعدلوا بينهن، فاكتفوا بالزوجة الواحدة لكي لا تجوروا على أحد!

مستشار أعلى هندسة بترول