آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

حين تختفي الألقاب!

المهندس هلال حسن الوحيد *

تخرَّج صديقٌ لي بشهادة دكتوراه في هندسة النَّفط من جامعةٍ عريقة في الولايات المتحدة الأمريكية، هنأته وقدمت له التحيات على هذا الإنجاز الرائع، وذكرته بأن هذا اللقب مؤقت، وعليه التفكير بأن يستعمله ليحصل على لقبٍ دائم، وهذه خلاصة الفكرة:

هل رأيتَ النَّاس - في الدنيا - يحترمون شخصًا دون لقب؟ الدكتور، المهندس، الكاتب، الأستاذ، وهذا دواليك فيما فوقها وما دونها من الألقابِ والمؤهلات والشهادات!

لكن في لحظةٍ ما تختفي كل تلك الألقاب والتشريفات ويصيح النَّاس: سلِّم الميت يرحمه الله، رحمَكَ الله يا فلان أو رحمكِ الله يا فلانة وفي الصَّلاة يقولون: اللهم إن هذا المسجى قدامنا، فلا اسم ولا لقب! يا سبحان الله، أين لقبي وشهادتي ومؤهلاتي؟ حتى الأهل تخلوا عن استخدام تلك الأسماء، وأجمل الألقابِ عندهم هو لقب ”المرحوم“!

عجبًا، نحن هنا في الدنيا نشتري الشَّهادات ونزورها طمعًا في حرف الدال أو الميم أو الألف الذي يسبقها. وفي النهاية تسقط هذه الحروف؟ ونزور المؤهلات والسيرة الذاتية من أجل وظيفة، وبعد ذلك:

”ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم“، ألا ترون أنكم جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة؟ فلا الأموال التي وهبناها لكم ولا الأولاد ولا المساكن ولا السَّيارات ولا الزخارف، عجبًا كلها تركتوها وراءكم، وجئتم صفر الأَيدي ولا روابط بينكم!

عن النبيّ ﷺ أنه قرأ على فاطمة بنت أسد هذه الآية - ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم - فقالت: وما فرادى فقال: عراة، فقالت: وا سوأتاه، فسأل الله أن لا يبدي عورتها، وأن يحشرهَا بأكفَانها.

”في الأكفان فإنكم تبعثون بها“، هذا كل ما يبقى من الألقابِ والكنى والتشريفات. قال: فمن ماتَ بلا كفن؟ قال: يستر الله عورته بما يشاء من عنده.

أظنّ أن لقبًا واحدًا ينفع يوم القيامة وهو المؤمن أو الصالح أو ما تناسب مع هذا الحال من القبول. إذًا، اعملوا من أجل الألقاب في الدنيا، فبها تتقدم الأمم وتسود، وادعوا الله ربَّكم أن يقولَ النَّاس بعد موتكم: رحم الله الرجل المؤمن، أو المرأة الصالحة، يوم لا يقال: الغنيّ أو المتنفذ، إلا ويكون قبالها ”كان“ بصيغة الماضي!

مستشار أعلى هندسة بترول