آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

أحرف تربية الأبناء كيف نخطها؟ ‎‎

من أهم المسائل المتعلقة بالأدوار الأسرية التي تلقى أعباؤها على عاتق الوالدين هي تربية الأبناء، وتنشئتهم تنشئة سليمة تنمي مدركاتهم العقلية ومهاراتهم وقدراتهم المختلفة، وخصوصا وقد استجدت على ساحة العوامل المؤثرة في التربية العامل الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي التي غزت البيوت وتبث من ضمن ما تبث ما هو غير مقبول على المستوى الشرعي والأخلاقي والقانوني، كما أن هناك غزوا ثقافيا وحربا فكرية ناعمة تدار خلسة لتغيير المفاهيم العقائدية والهوية والبنية الشخصية لأبنائنا وبناتنا، وهو ما يتطلب دراسة وتخطيطا من الوالدين لمواجهة كافة أشكال الخطر على تربين أبنائهما، ويحتاج إلى همة عالية وعمل جاد لإكسابهم الومضات السلوكية الراقية وغرس المفاهيم الصحيحة فيهم، وتمتد رحلة البحث عن مصادر واتجاهات تربية النشء وأفضلها جودة وإثمارا، وسنقف مع أهمها وهي تربية الأبناء من خلال القدوة المتمثلة بطريقة تعامل وتصرف وخطاب الوالدين معهم ومع غيرهم، فكثرة الإرشادات والتوجيهات مهما كانت حكيمة فلن تكون فاعلة وراسخة في تصرفاتهم ما لم يكن لها تطبيق على أرض الواقع يلمسه الأبناء، فألف كلمة وحكمة عن الصدق والأمانة مثلا لن يكون تأثير ها كمواقف يراها الأبناء ماثلة أمام أعينهم من خلال تصرفات وتعاملات والديهم مع الغير، بل وستأتي بنتيجة مخيبة للآمال ولها تأثير معكوس عندما يرى الأبناء من أفعال والديهم ما يخالف تماما ما ينادون به من المثل والقيم، وسيكون لهم ردة فعل عنيفة وعدم مقبولية لتلك القيم حيث يرون فيها حينئذ أقنعة مزيفة وأفكارا حالمة لا حظ لها من التطبيق العملي!!

الأبناء أرض خصبة ينبت فيها ما يزرعه الآباء سواء كان الشجر المثمر أو الشوك، فلينظر الآباء والأمهات أي ثمر يريدان أن يرياه في مزرعة سلوكيات أبنائهم، فالأمر يرجع لهما فيما يختارانه من قيم تربوية توجه تصرفات وتعاملات أبنائهم، فصفاء القلب والمشاعر الإيجابية تجاه الآخرين لا تأتي من فراغ بل هي نتاج رؤية عملية للأبناء لتصرفات والديهم، فإذا رأوا روح التسامح والمودة والتواضع والطيب والأريحية في التعامل من والديهم فإن ذلك سيزرع في قلوبهم حب الخير والبعد عن الجفاء والكراهية والأحقاد، وفي المقابل فإن قلوبهم النقية ستلوث بسواد البغضاء والإحن تجاه الآخرين وتكون الخصومة والمشاحنات خطهم الأول في التعامل مع الغير، كخط امتدادي طبيعي لتعاملات والديهم مع الاحتكاكات وسوء الفهم بشن سهام الاحتراب الاجتماعي واللجوء إلى القطيعة مع من يختلفون معه، وبالتالي فلا نخطيء إن قلنا أن الأبناء كالعجينة بين يدي آبائهم وأمهاتهم يشكلونها سلوكيا كيف شاؤوا بتقديم التوجيه والسلوك العملي المتسم بالخير أو الشر والعدوان، بل أكثر من ذلك نقول عن تأثير تصرفات الوالدين على أولادهم ليس تجاه الناس بل تجاههما، إذ أن التعامل السيء والتصرفات غير اللائقة للوالدين سيكتويان بنارها مستقبلا، من خلال انتقال فيروس العدوانية والخشونة في التعامل إلى أولادهم وبنفس هذا التعامل سيقابلون والديهم بالتأكيد، فتربية الأبناء تبدأ من الوالدين حيث أن طريقة حديثهم المتصفة بالهدوء أو الصراخ وتوجيه الكلمات القاسية، وتصرفاتهم تجاه الغير ومشاعرهم ما هي إلا صدى لما يسمعونه ويرونه في نطاق محيطهم الأسري، ولا ننسى أن الأبناء يقلدون والديهم ويرتبطون بهما محاكاة لأفعالهما وأقوالهما، وبالتالي فإن التربية السليمة للأبناء تتم وفق مبدأ القدوة الحسنة والمشاهدة منهم لمحيط أسري يعتمد الكلام الهاديء والتعامل الحسن.

فلنكتب مستقبل أبنائنا السلوكي والتربوي بأحرف تصرفاتنا، فالأبناء سيحبون الصلاة والقراءة وصلة الأرحام مثلا متى ما رأوها ماثلة أمامهم.