آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

حببوا غيرنا فينا!

المهندس هلال حسن الوحيد *

افترضوا أنكم استضَفتم ضيفًا من الغربِ أو الشَّرق، غير مسلم، وقال: خذوني في جولة لكي أطلع على مشاهد ومناظر من ممارسات المسلمين خارج المساجد، لأنني لا أدخل المساجد! في أول كوع في الشَّارع كان سائق مركبة يدخن ويشم هواءَ الخريفِ المعتدل، أنتهى من الاستمتاعِ بالسِّيجارة، ثم رمى عقبها قدَّام هذا الأجنبي!

أمتار قليلة، سائقٌ آخر يقضم وجبةً خفيفة، انتهى من الأكل ثم - أيضًا - فتحَ نافذةَ السيَّارة ورمى ما بقيَ من الأكل والقراطيس في الشَّارع، وثالث لا يصطفّ بانتظام ورابع وخامس وسادس!

رغب - ضيفكم - في التسوق، ولاحظ أن الكثير من الرِّجال والنِّساء يأخذ العربةَ من مجمع العربات، يستخدمها ويتركها مبعثرةً في مواقفِ السيَّارات، أنا لستُ مسؤولًا عنها، يأتي أصحابُ المحل ويعيدوها!

أظن أنه بدأَ يرسم صورةً - أقلّ - مما كان في ذهنه عن أخلاقِ المسلمين. تقولون: هناك أمثلة تدل على عكسِ هذه المشاهدات البغيضة. وأنا أقول بصوتٍ عال: نعم، هناك أمثلة جيِّدة، لكن هل كل ما نطمح إليه ونرغب فيه أن يكون الثواب والأجر والأخلاق في المسجد؟ أم في المسجد والشارع؟

هل تستطيعون أن تحصوا الأجرَ والثواب في الشَّارع؟ قال «صلى اللهُ عليهِ وآله»: ”إماطتكَ الأذى عن الطريقِ صدقة“. إذًا، كم نخسر من ثوابِ الصدقات بوضعنا القذارةَ والأذى في طريقِ النَّاس وفي أعينهم؟ مع أنني اختصرتُ المشاهد التي - حتمًا - يراها - ضيفكم - وأنتم تعرفون كثيرًا منها!

قال رسولُ الله صلى‌ الله‌ُ عليه‌ِ وآله: مرَّ عيسى بن مريم بقبرٍ يعذب صاحبه ثم مرَّ به من قابل فإذا هو ليس يعذب فقال: يا رب مررتُ بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب ثم مررتُ به العام فإذا هو ليس يعذب؟ فأوحى الله عزّ وجل إليه يا روحَ الله إنه أدركَ له ولدٌ صالح فأصلحَ طريقًا وآوى يتيمًا فغفرتُ له بما عمل ابنه. وكان علي بن الحسين عليهما‌ السَّلام يمر على المدرة في وسطِ الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيها بيده عن الطريق.

لو جاء زائران مدينتنا فقال الأول: رأيتُ مدينةً أجمل وأنظف وأرقى ما رأيتُ من المدائن. والثاني قال: زرتُ مدينةً جميلة لكنها تشتكي من إهمالِ أهلها، وأهلها غير منظمين، أظن أنني لن آتيها مرةً أخرى، فأي مدينةٍ تختارون؟!

مستشار أعلى هندسة بترول