آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

خلوا الزِّيارات بساط أحمدي.. وإذا ما شالك المكان تشيلك العين!

المهندس هلال حسن الوحيد *

قال الإمام علي «عليه السَّلام»: ”شر الإخوان من تكلف له“، فلماذا ترانا إذا أحبَّ صديقٌ أن يزورَ صديقه - في مجتمعنا - وإن كان يعرفه منذ مئة عام، قامت الدُّنيا ولم تقعد؟ المرأة تطبخ والرَّجل ينفخ، ثم كل ما في الأمر، خمس دقائق صديقٌ زارنا استأنسنَا معه، ولم يكن لكل تلك الكلفة من لازم!

رحم الله أيَّامَ الفقرِ والقناعة، كل ما في المجلس دلة قهوة وصحن تمر، ومع تلك البساطة كان المجلس عامرًا بالرِّجال والنِّساء. قولوا لي: الآن، هل تجدون في المجالس إلا أدوات الضيافة والأكل، حتى لا مكان لكي تجلسوا؟

قال رسولُ الله «صلى الله عليهِ وآلهِ وسلَّم»: من تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبلَ تحفته ويتحِفه بما عنده ولا يتكلف له شيئا، وقال أيضًا: إني لا أحبّ المتكلفين.

إذًا، ما الداعي إذا استضفنا صديقًا أو قريبًا، نتكلف؟ ونجعله شرّ النَّاس ونجعل أنفسنا من غير المحبوبين؟ ثقافة التسابق في إظهار الكرم والبذخ، لكن في غير محلها؟! قال الرضي «رحمه الله»: لأن التكليف مستلزمٌ للمشقة وهو شر لازم عن الأخ المتكلف له فهو شر الإخوان.

إذا تاقت نفسك لزيارة صديق وزرته، فأنت سررتَ نبيك وسررتَ الله، بأن أدخلت السُّرورَ على قلب أخيك، فلا تفسد ذلك السُّرورَ بالمشقة عليه. أوحى الله عزّ وجل إلى داود «عليه السَّلام» أنّ العبدَ من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنَّتي، فقال داود: يا ربّ وما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورًا ولو بتمرة، قال داود: يا ربّ حق لمن عرفكَ أن لا يقطعَ رجاءه منك.

خلاصة الفكرة: تزاوروا وتواصلوا وتراحموا، ودعوا الكلفة والزحمة، إلا مزاحمة الأرواح بالمحبة والمودّة والصفاء، لا تفسدوا معاني الزيارة الجميلة بالكلفة. أنا تكلفت وأنت تكلفت بما نستطيع، فماذا عن صديقنا الثالث؟

من أجمل الأمثال المتداولة، كلنا يعرفه ”البساط أحمدي“، دعوة لترك التكلف والعفوية والبساطة في الضِّيافة، واذا ما شالك المكان.. تشيلك العين:

لا تحسبوا أن الصَّداقة لقْية.. بينَ الأحبةِ أو ولائمَ عامره
إنَّ الصَّداقة أن تكونَ من الهوى.. كالقلبِ للرّئتين ينبض هادره

مستشار أعلى هندسة بترول