آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

إضاءات في جمال البيان القرآني «1»

﴿كَلّا لَئِن لَم يَنتَهِ لَنَسفَعًا بِالنّاصِيَةِ [العلق: 15]

‎هذه الآية الشريفة تعطي مشهدا حسيا للأخذ الشديد السريع.

‎في اللسان:

‎سَفَع بناصِيته ورجله يَسْفَعُ سَفْعاً جذَب وأَخَذ وقَبض. [1] 

‎فالسفْع: هو القبض الشديد بجَذْب.

”‎الناصية“ تستعمل لمقدمة رأس الأفراد، وللجزء النفيس من الشيء كأن نقول ”ناصية البيت“.

‎الأخذ من الناصية يشير إلى الأخذ إلى العذاب، وهو أخذ لا مجال للفرار منه، حيث يفقده قدرته على تحركه ويجبره على الاستسلام والخضوع، فليس أمام هذا المذنب وسيلة للهرب بحال من الأحوال، وهو أخذ بإذلال ومهانة، لأن طريقة الأخذ بالناصية بالقبض على على شعر رأس أحد تكون لجره إلى العقاب والعذاب.

‎جاء اللفظ القرآني «لنسفعا» شديدا في إيقاعه الصوتي، مصورا بهذا الجرس مشهد الشدة والغلظة والتهديد.

‎كذلك جيء بنون التوكيد الخفيفة، وليس المشددة، فهل هناك فرق في الدلالة المعنوية والصوتية؟

‎إن مجيء النون مخففة حققت قوة بيانية معنوية، لا تكون متحققة في حال لو جيء بنون التوكيد المشددة، حيث ان تلاوة الآية يعطي إيقاعا بطيئا غير متناسب مع التهديد المقتصي للسرعة، الذي لا يتيح الكافر أي مجال للتفكير او الخلاص.

‎جاء السفع أيضا في الآية الشريفة مؤكدا بحرف الباء الداخلة على المفعول والتي تفيد اللصوق، أي تعليق الشيء بالشيء واتصاله به.

[1]  لسان العرب مادة سفع
استشاري طب أطفال وحساسية