آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

تصحيح أنماط التغذية في المستشفيات

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

كنتُ في زيارة لأحد المستشفيات، وقفت أمام جهاز البيع الآلي، أتفحص ما بداخله.. كان الجهاز يحتوي على مادة صحية واحدة، وهي: الماء! أما البقية، فالقارئ الكريم له أن يحكم إذا كان من الطبيعي أن تُباع هذه المنتجات في منشآت يفترض بها أن تكون بيئة صحية متكاملة.

7 أنواع من الحلويات المصنعة، نوعان من البسكويت المحشو بالكريما، نوع واحد من الكيك، وكرواسون محشو بالجبنة.. 5 أنواع من العصيرات المصنعة، نوع من المشروبات الغازية عالية السكر، نوعان من الحليب المُنكهِ طويل الأجل.

لو وقفنا وحللنا محتويات هذه المنتجات المباعة، سنجدها فقيرة جداً بالعناصر الغذائية أو الفيتامينات، كما أنها غنية بالسكر والأصباغ والمواد الحافظة والنكهات المختلفة.

عندما يأتي المريض أو الزائر، ويضع النقود في جوف الجهاز، لن تخرج له مقابل ما يدفع أغذية نافعة، تمده بالعناصر التي تمد جسده بالطاقة وتساعد على بنائه وتساهم في تنظيم عمل الأعضاء الداخلية للإنسان.

سوف تدفع المال، لتحصل على مواد تعمل على رفع معدلات الإنسولين في الجسم، وتزيد من احتباس السوائل، وتعمل على تخزين الدهون، وبالتالي ستكون معرضاً لخطر الإصابة بأمراض: السكري، ارتفاع ضغط الدم، تصلب الشرايين، اختلال وظائف الكلى والكبد، انتفاخ المعدة، التهابات القولون.. وسواها من العلل التي هي نتيجة تناول مواد هي ليست بالأغذية، بل هي عناصر مصنعة تضاف لها محسنات تجعلها مستساغة لأن يتناولها الإنسان.

بيع هذه المنتجات في أماكن مثل المستشفيات أمر يدعو للحيرة، لأن أضرار هذا النوع من الأطعمة واضح للعيان، ولا يمكن لأي طبيب مختص في التغذية إلا أن يحذر منها، وينصح مراجعيه بالابتعاد عن تناولها.

ذات المشكلة تراها في الوجبات المقدمة للمرضى، وهو ما تم نقاشه في المقالين السالفين.

هذه الوجبات فضلاً عن كون أكثر من 60 % من مكونات العديد منها غير صحية، تقدم في صحون بلاستيكية، ما يجعلها معرضة للتفاعل مع المواد الكيماوية التي صنعت منها هذه الصحون، وبالتالي المزيد من الأضرار التي قد تقود لدخول ”المعادن الثقيلة“ و”السموم“ إلى جسم الإنسان، وهو ما يكون مقدمة للإصابة بأمراض خطرة مستقبلاً!

الحكومة تضع سنوياً ميزانية ضخمة لوزارة الصحة، وما صرف طوال عقود على المنظومة الصحية هو بالمليارات، وفي الأخير تجد هذه المراكز الصحية، فاقدة للثقافة الغذائية السليمة.

لو أخذنا مثالاً واحداً فقط، عن داء السكري، سنجد أن معدل انتشار مرض السكري في السعودية يبلغ نحو 18,3 % وفق بعض الإحصاءات، كما أن ”الاتحاد الدولي للسكري“ صنف المملكة كسابع أعلى دولة في العالم، على مستوى الحالات الجديدة من داء السكري من النوع الأول، وهي الأرقام التي معناها أن هنالك ميزانيات ضخمة تصرف على العلاج والاستشفاء، فضلاً عن حملات التوعية التي تقام بين فينة وأخرى.

إذا كان ”السكري“ وهو واحد من أشد الأمراض فتكاً على مستوى العالم، ينتشر في السعودية بين المواطنين والمقيمين، ويصيب حتى الأطفال، فإن المفترض العمل على حصاره، معالجة أسبابه، وخلق بيئات صحية لا تؤدي إلى الإصابة به؛ إلا أننا نجد المستشفيات التي تعمل على علاج السكري، نجدها غير جادة في خلق بيئة لا تقود له، ولك أن تنظر في قوائم أغذيتها وما يباع في الأجهزة وما يتوفر في الكافتيريات التي تتوزع في ممراتها!

هل هي الرغبة في الربح التي ترومها بعض إدارات المستشفيات على حساب صحة الإنسان، أم هي اللامبالاة من البعض، أم الجهل، أم الاعتقاد بأن هذه الأغذية ليست مضرة؟

..وللحديث تتمة..