آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

إلى الشيخين المحسن والمصلي

زكي بن علوي الشاعر

هنالك من أعتز بصحبتهم وصداقتهم وأخوتهم، ومنهم: سماحة الشيخ علي آل محسن، وسماحة الشيخ مهدي المصلي.

كلا الرجلين من علمائنا الأفاضل، وكلاهما من أصحاب العقول الكبيرة، ومن ذوي النفوس الطيبة، والقلوب الرحيمة، والإيمان الراسخ.

كل ذٰلك مما يدركه من يراهم ويسمعهم، فكيف بمن عاشرهم؟!

لٰكنني لا أريد تناولهما من ناحية ما أشرت إليه، أو غيره: من التقوى أو الزهد والعلم والعقل...

أريد أن أكتب عنهما من ناحية «المحافظة» التي معناها أن يكونا تقليديين/كلاسيكيين، والتجديد، بمعنىٰ أنهما ينظران فيما يطرح من آراء تخالف المشهور، فيقرانها أو يردانها.

ولأجيب سريعًا، أقول: هما فقيهان ومتكلمان وأصوليان، وفي هٰذه العلوم لهما تأملات ونظرات وآراء عميقة تدل من يقرؤهما علىٰ سعة علمهما واطلاعهما وتحقيقهما.

ولٰكنهما في اللغة والنحو والاشتقاق تقليديان، بمعنىٰ أنهما يفهمان ما يقرآن ويسمعان من آراء تخالف المشهور؛ بل يستحسنان بعضه؛ ولٰكن الشيخ المحسن لا يغير رأيه إلا بدليل وحجة قوية، ويطالب بالمصادر والمراجع، وهٰكذا العالم.

أما الشيخ المصلي، فهو كالشيخ المحسن؛ ولٰكنه يضيف شيئًا آخر، وهو قوله: هٰذا صحيح، أو لا بأس به؛ ولٰكن القول به لا يقدم ولا يؤخر في استنباط الحكم الشرعي، والفقيه يبحث ما يفيده القول به - أو القول بخلافه - في عملية استنباط الحكم الشرعي، علىٰ أن الشيخين قد يردان الرأي الذي يسمعانه أو يقرآنه؛ إذ إنهما في العربية أيضًا مجتهدان، دون أدنىٰ شك.

وأريد أن أشير إلىٰ أن لا غنىٰ لي عنهما في العربية؛ لأنهما أوسع مني اطلاعًا، ولأنهما أعمق مني تدقيقًا وتحقيقًا وتحليلًا.

هٰذا من جهة.

ومن جهة أخرىٰ؛ أنت إذ تحاورهما تحاور عالمين كبيرين محققين قد سهرا الليالي في طلب العلم، ولم يضيعا أوقاتهما، حتىٰ نالا ما من الله تعالىٰ عليهما: من العلم والفضل، وتطمئن - إن أقراك أو أقرك أحدهما - أنك على الجادة.

شكر الله لهما، وكثر بيننا من أمثالهما؛ ولٰكن لي رجاءً عندهما، وهو: أن يخالفا - في العربية - المشهور، لا كما يوصي الفقهاء بألا يخالف الفقيه المشهور، وأن يحتاط؛ فإنهم يخالفون المشهور، إن نهض دليل علىٰ خلافه، واللغة ليست كالفقه؛ فإن علوم اللغة كلها إنما قام أكثرها علىٰ أقل مما الشيخان - أيدهما الله تعالىٰ - وغيرهما يُعملونه من قواعد عقلية، ولينس الشيخان أنهما فقيهان، وأنهما أصوليان، وأنهما متكلمان، عند بحث مسألة لغوية؛ إذ إن اللغة لا تقوم علىٰ كل ما مر.