آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

الروائي عبدالعزيز آل زايد عن ”وسوسة إبليس“: قصص الشيطان أكبر موعظة

جهات الإخبارية حوار: سمير خالد

أثارت مجموعته القصصية «وسوسة إبليس» الجدل، بعدما انتشر في الأوساط الثقافية والأدبية نبأ إصدارها، خاصةً أن كانت جميع القصص تتحدث عن الشيطان.

الروائي عبدالعزيز آل زايد خصص هذه المجموعة التي تقع في 115 صفحة لـ 14 قصة متخيلة عن الشيطان، وهي من إصدارات دار الظاهرية للنشر والتوزيع بالكويت، وكان لـ ”جهينة الإخبارية“ هذا الحوار معه:

- بداية، ألم ترى أفضل من هذا المفتتح لقصصك؟

أول رواية لنا ظهرت للنور هي رواية البردة، وهي رواية نبوية، بينما أول القصص قصص عن الشيطان، ولا نرى في ذلك غضاضة، فأول قصة في القرآن هي قصة إبليس، ولك أن تراجع سورة البقرة وقصة السجود لآدم، فلماذا يبدأ الله بقصة الشيطان؟، هنا ستضع المبررات، التي حرمتنا منها، أول حكاية على وجه هذه البسيطة هي حكاية الشيطان وآدم، وهي العظة المنسية التي تتلى ليلًا ونهارًا، فهل يتعظ منها الإنسان؟، أم لا يزال يحتاج للتذكير بها؟، للكبار قبل الصغار، وللخواص قبل العوام، إن المعضلة الأساس تكمن وراء الشيطان، فلولاه لكنا نرتع في نعيم الجنّة، ورغم أن الشيطان أخرج أبينا آدم من جنته، ورغم التحذير الإلهي المغلظ من مغبة اتباع خطواته والانزلاق في مهاوي رداه ومكائده؛ إلا أننا في كل يوم نسقط في ذات المطب ونهوي في ذات الحفرة، فهل بالفعل أخطأنا حين بدأنا بما بدأ به ربّ العزة والجلال؟، وما الهدف إلا التذكير به وبحربنا الضروس معه.

- هل ترى أنه من الصائب اصطناع قصص متخيلة عن الشيطان؟

وما المانع في ذلك؟، ألم تسمع أنّ الحكمة تأخذ من أفواه المجانين؟، إذًا لا غضاضة أن نستقي الموعظة من نسج الخيال، فكل طرق روما تؤدي إليها، إلا إذا كنت ترى حرجًا في تأليف المواعظ؟، وقصص الشيطان أكبر موعظة إن أردت الاتعاظ، ثم إنّ القرآن يصرح أننا لا نراه، وإلا لرأيت آلاف القصص الحقيقية التي تروى عنه كل يوم، ومن المهم أن نستحضره، وهذه الحكايات خير وسيلة للحذر منه، ولعلها تخلصنا من بعض مكائده، لاسيما أننا نقع في ذات الشَّرَك والشِّباك.

- هل لك أن تصف لنا من هو الشيطان؟

ليس من السهل الحديث عن ماهية كائن لم تره العيون كالشيطان، علمًا أنّ هناك العديد من الآراء حياله، فهناك من ينفي وجوده من الأصل، وهناك من يرى أنّ الوساوس ما هي إلا محض غرائز وعقد نفسية ورغبات في أنفسنا مكبوتة، ولعل من أبرز الداعين لهذه الفكرة المحلل النفسي الشهير «سيجموند فرويد»، إلا أنّ هناك من تصدى لهذه الفكرة ورفض هذا التصنيف لاعتبارات منها أنّ العقل والعلم لا يرفضان وجود الشيطان، وهناك نقاش محتدم حول هل للشيطان قدرات خارقة تجعل من الإنسان منساقًا وراء إرادة وسوسته؟، أم أنّ الشيطان رغم إمتلاكه لمقدرة الإغواء فإنّه لا يمتلك قوة التغلب على البشر؟، وقد يستند البعض إلى الآية التي تقول: «إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا»، لتحجيم قدرات الشيطان التي يراها البعض خارقة وفوق الاحتمال.

- هل تؤمن بقصة إبليس وقصة إغوائه لآدم؟

هذه القصة واردة في القرآن بخطوط عامة، ولكن هناك الكثير من الأساطير التي دخلت في القصص القرآني، بما يسمى ب «الإسرائيليات»، وللأسف تتضارب آراء العلماء في شأن تفاصيل التفاصيل، فهناك من يرى أنّ آدم امتنع عن تناول ثمرة الشجرة المحرمة، لكن حواء هي من ناولته الفاكهة، إلا أن البعض اتهم هذه الآراء بالتغلب الذكوري.

- هل ترى أنّ هناك حاجة لاستحضار قصص عن الشيطان في حياتنا الحاضرة؟

للخير مسوغات وللشر مسوغات، إلا أن الأصل في الاختيار يقع على إرادة الإنسان نفسه، والتربية الذاتية عامل هام في نبذ الشرور واجتلاب الفضائل، وكثير منا يبرئ نفسه ويلقي الجمل بما حمل على الشيطان والغير، بينما نرى أنّ الصّدّيق يوسف يلقي العتب على الداخل بقوله: ”وما أبرئ نفسي، إن النفس لأمارة بالسوء“.

- في قصة يوسف آيات تتهم الشيطان ببواعث الشر، فهل المتهم النفس الأمارة أم الشيطان؟

إرادة الإنسان ورغبته هي الفيصل وما سوى الإرادة إلا عوامل، فالنفس تحرض والشيطان يوسوس، ولكن الفعل والإقدام يقع على الإرادة، أما مفردة «الشيطان» في سورة يوسف وقعت ثلاث مرات الأولى على لسان يعقوب وهو تحذير عام، والثانية مع ساقي الملك الذي علق عليه أمر نسيانه في تذكر تظلم يوسف للملك، والثالثة على لسان يوسف ليبرئ ساحة إخوته بذكر عامل الذنب، رغم أنّ الذنب الحقيقي يقع على الأخوة أنفسهم، وما هذا الإ عفو ونبل في يوسف.

- ما هي خططك المستقبلية بشأن الكتاب؟

ليس لدينا أفكار مستقبلية حياله للطرح هنا، إلا أن بعض المتابعين تمنى أن يراه مسلسلًا تلفزيونيًا، أما بخصوص انبثاق فكرة الكتاب فكانت وليدة مطالعات، وبالأخص كتاب ”إبليس“، للكاتب المصري عباس محمود العقاد، وهو كتاب جميل غني وثري في هذا المجال، إذ أنه لا يدع شاردة ولا واردة عن إبليس إلا تناولها، وبعد الانتهاء من هذا الكتاب ارتوت الأوردة بزخم عارم حول السيد إبليس، فكانت القصة الأولى كقطرة الغيث، تلتها عدة ولادات مماثلة، ثم ولد التحدي أن أكتب كتابًا كاملًا في حضرة الزعيم المخضرم إبليس الرجيم فكان الكتاب.

- هل تتوقع أن يثني النقاد على كتابك؟

يفرح الكاتب بالثناء ويسخط بالذم، وهي طبيعة بشرية، ومع ذلك نقبل الانتقادات البناءة، فالكتاب تجربة مؤلف، والنقد بصفة عامة يثري الحالة الأدبية للمجتمعات، ويتمم المسيرة التكاملية، فما أخفقنا فيه يصحح بإنتاج غيرنا، وقاعدتنا: من يعمل يخطأ، ومن لا يعمل يرتكب أكبر خطأ.

- وهل تفكر في مجموعة قصصية أخرى حاليًا؟

كتبنا مجموعة قصصية ثانية وسنصرح بها في وقتها، فمن عادتنا أن لا نكشف عن الخبز قبل نضجه، ثم أن القراء لديهم الكثير ليقرؤونه، لاسيما أن هناك العديد من الكتب الجيدة في الساحة.

- كم عدد الكتب التي تنوي إخراجها للنور؟

لقد كتبت فيما أريد الكتابة فيه، لكن الطموحات لا حد لها، أما عن عدد الكتب فهذا ما لا يمكنني حصره حتى بالتخمين، وليس الاعتبار بالكم بل بالكيف، ثم إنّ الكيف هذا يختلف باختلاف الذائقة، وآراء الجمهور متباينة، ولكل قارئ ذوق ومعيار، ومن الصعب إرضاء جميع الأذواق، وكثيرًا ما اختلفت الآراء في الكتاب الواحد، فالأصابع التي تتناوله مختلفة وليست سواء.