آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

جدوى الصبر في عالم أسواق الأسهم المحلية والعالمية

المهندس أمير الصالح *

يطل عليك بين الفينة والأخرى متحدث في عالم المال والاستثمار عبر شاشات التلفاز المختلفة بالقول: لو أنك استثمرت ألف دولار في أسهم شركة apple أو أمازون أو علي بابا قبل عشر سنوات لأصبحت الآن مليونيرا! ويعيد ويزيد المتحدث الاقتصادي، القول بأن الصبر في الاستثمار لمدة طويلة حتى مع وجود تذبذب عنيف في سوق الأسهم هو سر النجاح!

هل صحيح وبالمطلق بأن الصبر والإمساك بسهم ما، هو السبيل للنجاح المالي في عالم الاستثمار؟!

الحقيقة التي يتبناها البعض هي أن: في عالم الأسهم، كلما طال أمدك، زادت فرصتك في تحقيق عوائد إيجابية في أسهم النمو والعوائد. والحقيقة التي لمسوها الكثير من أبناء المجتمع هي أن بعض الأسهم المسماة خشاش قد تذهب بأموالهم أدراج الرياح وإن طال أمد صبرهم فلا عزاء حينذاك لهم.

كلما استمع البعض من صغار المستثمرين والمبتدئين لقصص نجاح البعض من الأثرياء العالميين في عالم الأسهم دوليا أو إقليميا، كلما عاشوا حالة من الحسرة والندم داخل أنفسهم على فوات الفرص من أيديهم فيحرقون أنفسهم ذهنيا أكثرا وأكثر بالمقارنة مع ما يرى من مظاهر الثراء والبذخ التي تبثها قنوات التلفاز لمحظوظي صفقات الأسهم المليونية في عالم الكريبتو وعالم الأسهم.

البعض من أولئك المستثمرين قد يصل بهم الحال إلى كره كل شي لديهم وينشغلون بفكره دائمة وهي فكرة الثراء السريع للحاق بطبقة أهل الثراء واستدراك ما فاته من المتع والمفاخرات. فتراه يتخبط بشكل مريع في تبني استراتيجيات متعددة في الاستثمار بأوقات متقاربة فيقع بالمزيد من التعثرات المالية. فتراه تارة يتبنى استراتيجية: استثمار في أسهم الأرباح، وفجأة يقفز في الاستثمار في الأسهم النامية، وينقلب إلى التداول المتأرجح «مضارب»، ويتوجه دون إلمام إلى خيارات الفوركس وكل ذلك قد يقع في وقت واحد أو أوقات قريبة دون تحديد استراتيجية واحدة لفترة زمنية كافية.

يخسر معظم الناس الأموال في سوق الأوراق المالية لأنهم يبالغون في تعقيد إستراتيجيتهم والقفز السريع بينها. وهناك القلة المحظوظة من الناس التي قد تعمل مكاسب قليلة والأقل من الأفراد هم الذين يصنعون الثراء. ولذا ينصح الأوفياء بأن يختر المستثمر المبتدئ استراتيجية واحدة وبعد إتقانها يمكنه الاستمرار وتجربة استراتيجية أخرى حتى يصل إلى أهدافه المالية.

هناك حقائق رئيسية من المستحسن أن يوطدها الشخص المستثمر في نفسه وهي:

1 - كن عمليا وليس عاطفيا: أنت إما تعمل في مجال كسب المال، أو تعمل في مجال خسارة المال. لا ترتبط بأي سهم عاطفيا. إذا كان السهم في نمو وأرباح، من الجيد اقتناصه بشرائه مبكرا. وإذا تدهورت أحواله، فقم ببيعه ولا تنظر إلى الوراء.

2 - التقلب في سعر أي سهم أمر طبيعي. ولذا من الحكمة حساب متوسط العائد ROI بعد تحديد المدة الزمنية للمبالغ الفائضة عن الحاجة على المدى المتوسط «5 سنوات»

3 - تعرف على الجدول الزمني الخاص بمدة استثمارك. فأفقك الزمني يقودك إلى مستوى المخاطرة الذي يجب أن تتحمله وأيضًا لا تستثمر الأموال التي ستحتاجها في السنوات القريبة المقبلة. ونحن نعلم أن ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ سورة الرعد، آية 38، أي أن حتى دورة استثمارك في سهم معين ستبيعه وتتجه للاستثمار في قطاع آخر وسهم آخر. وعليه تفحص بالقدر المستطاع دورة الصعود والهبوط للأسعار قبل الاضطرار للبيع في دورة الهبوط احتياجا أو هلعا والشراء في القمم تغريرا أو حماسا أو طمعا.

خلاصة المقال: بعد أن تحدد استراتيجيتك وأهدافك المالية والفترة الزمنية للاستثمار ومستوى المخاطرة المقبول لديك، يمكنك أن تحدد سقف الصبر الزمني الذي تود أن تستنزفه في عالم المال والاستثمار. فإن كنت قصير النفس وقليل الصبر وصائد فرص خاطفة فكن مضارب يومي أو أسبوعي. وإن كنت طويل النفس وافر المال، فحدد اتجاهك بين أسهم نمو أو أسهم مكاسب. ولا ضير أن تبدل مواقع استثماراتك بعد أن تصقل خبراتك في السوق والقطاع الذي تستثمر فيه محليا أو دوليا. فصناع المال لا يتعاطفون مع أي مستثمر والمال لا قلب له فكن أنت أبخص بحالك.