آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 4:24 م

من جبال الألب إلى القلب

المهندس أمير الصالح *

محبو السفر والمناظر الطبيعية الخلابة في معظم أنحاء العالم يهيمون عشقا وحبا وحنينا للمناطق المحيطة بجبال الألب الواقعة على الحدود الفرنسية - الإيطالية، لما لها من اخضرار وجمال ورونق وجو بديع في فصل الصيف ومناظر خلابة. ولمن وفقه الله في سفراته السياحية أو انتداباته المهنية في حاضره أو ماضيه بزيارة للمدن الصغيرة المتناثرة والمجاورة لسلسلة جبال الألب خلال شهر مايو - سبتمبر، فإنه أدرك تلك الحقيقة بعيون الواقع الملموس والمحسوس.

آيات من الجمال الطبيعي خلقها الله في تلكم المنطقة متمثلة في الأودية والسهول والهضاب والمروج الخضراء والجبال والثلوج والشلالات والأنهر المتدفقة والأشجار الكثيفة. حفيف الشجر، خرير الماء، زقزقة الطيور، هبوب النسيم، تلبد السحب بعض من لوحات إبداع الخالق المصور في هذا الكون تراها وتسمعها عند وجودك في ذلك المكان. إلا أن ما قد يصدم البعض لا سيما السائح الجديد أو المجدد عهدا لما بعد جائحة كورونا هو المتطلبات المتكالبة من الجهات الصحية في دول السياحة الأوروبية والإجراءات اللازمة لاستيفاء استحصال الفيزا لدول شينجن الأوروبية والتنقل بينها. وإن بدت روح الانفراج تلوح والإجراءات تخف إلا أن الإلمام بتلكم المتطلبات والتقيد المسبق بها يجنب السائح الكثير من المتاعب وإن تكبد بعض المال. وقد تم التطرق في مقال سابق عن موضوع ترتيب السفر السياحي ما بعد الجائحة والإجراءات المعمول بها حاليا.

في هذه العجالة، وددت أن أشارك الأبناء الشباب خاطرة قبل الانطلاق للإجازة الصيفية واستوحيت عنوانها من أحد السفرات وسميتها: ”من جبال الألب إلى القلب“. عزيزي الشاب الباحث عن الانطلاق نحو الحياة بتفاؤل ولوجه الله أطلب منك أن تلغي الخاصيات التالية من حياتك:

1 - توجيه اللوم للآخرين

2 - التبرير للتخبط الذي قد تورطت به

3 - الشكوى والتذمر من الأمور والأشياء والناس الآخرين

عند نجاحك في تفعيل إلغاء الخواص تلك، حتما حياتك ستكون أكثر استقلالية واعتماد على الذات وعصامية ومليئة بالإنجازات. وتذكر أن ما تفعله من العمل الصالح والمثابرة عليه ستحصد ثماره ولو بعد حين والفعل السيء ستدان به ولو طالت السنين.

استشعرت تلك الخاطرة عندما استحضرت كامل مسيرة حياتي وأنا أتجول في أحد الرحلات بين سفوح جبال الألب «الجانب الفرنسي» وفي أكتاف مدينة صغيرة تسمى Chamonix Mont Blanc. الحياة هناك وادعة، وعدد السكان قليل والسياح العوائل المرموقين يتوافدون من كل حدب وصوب في فصول الصيف والشتاء ثم سرعان ما يرتحلون إلى جهات شتى. يتيح لك ذلك الهدوء في حضن وجمال الطبيعة الخلابة بالانفراد مع الذات. وهذا بدوره يتيح للشخص وقت كبير لتأمل ومراجعة الإنجازات الذاتية وتجنب القصور والتقصير وإعداد برامج تطوير النفس وإعادة شحن العزيمة وراحة البال والانطلاق مجددا نحو المستقبل والحاضر. وتستنطق في نفسك عند بلوغ أي قمة من قمم جبال الألب شعار ”همة حتى القمة لبلوغ الجنة“. ولا يعني ذلك أن التأمل مقصور في مكان محدد في سفوح جبال الألب ولكن وجود هدوء ومكاشفة مع الذات ومراجعة النفس حيثما أمكن عقدها فإن خوض تلكم التجربة حتما أمر جيد جدا.

كم سيسعدني ويثلج صدري أن يستفيد أبناء الجيل الشاب الصاعد من تجارب الجيل السابق ومن نافع ما يقرأون من الكتب ويتصفحون في النت حتى تكون عقليتهم أكثر تألقا وإنجازا وإقداما في طُرق الخير. ومن المعروف أن كل إنسان يركز على شي فإنه يتسع في استيعاب كل الأمور المحيطة بتفاصيل ذاك الشيء. فمن يركز على تجارة الأسهم حتما ستتسع مداركه في ذلك الحقل. ومن يركز على التحصيل العلمي، حتما ستتسع مداركه في ذلك. ومن يركز على متابعة التوافه فإنه سيغرق في التوافه شاء أم أبى. فاختر أيها الشاب اليافع لنفسك أين تستثمر عمرك وصحتك وعقلك وتفكيرك. ولا تكن أضحوكة في يد الآخرين لا سيما بعض مشاهير السوشل ميديا. فاقرأ كثيرا فيما تود أن تحيط به علما وتأكد قبل الإقدام على إنجاز أي خطوة.