آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 3:27 م

شاهد شاف كل حاجة

المهندس أمير الصالح *

المسرحية المصرية الكوميدية الشهيرة ”شاهد ما شافش حاجة“ بطولة الممثل عادل إمام، استمتع وما زال يستمتع بمشاهدتها تلفزيونيًا عدة أجيال على مدى عدة عقود من الزمن. كنا نتجاوز مشاهدة بعض اللقطات الخادشة للحياء مع إن مقص الرقيب قد قص منها مقاطع متعددة خادشة للحياء.

في عالم الاتصالات والتواصل الاجتماعي الحديثة أصبح لكل الاتجاهات الفكرية حول المعمورة عدة قنوات في العالم الافتراضي دون أي تواجد لمقص الرقيب لأنها أضحت خارج نطاق السيطرة وتبث من العالم العنكبوتي ”الإنترنت“.

فضول البعض من الشباب والمراهقين وحتى بعض الكبار في السن قادهم وقد يقودهم على التردد على صفحات مواقع في الإنترنت وقنوات تك توك شائنة أو مقاطع إباحية فاضحة أو برامج إعلامية تروج للعنف والقبيح من الأفعال والأقوال والرذائل والسلوكيات والإلحاد والشذوذ والمياعة واستظراف المحرمات. وأصبح ذلك البعض مصداق لـ ”شاهد شاف كل حاجة“.

الإشكال الأكبر هو تبعات صدمة ما شاهده ذلك البعض على نفسياتهم ومن يتصل بهم. فالبعض يصبح مدمن على الاستمتاع البصري حتى أن يصل حد المحاكاة. والبعض قد يصل حد التشبه بما قد يراه فيتحول من ضحية إلى مجرم في سلوكه. ولذا لا غرابة أن نسمع مع تفاقم انتشار المقاطع الخادشة للحياء تصاغر الإحساس بالإثم والتطاول على الحرمات وانتهاك النواميس والأعراف والفطرة الإنسانية في بعض المجتمعات. ما كان بالأمس يطلق عليه أحداث صادمة، أضحى اليوم للبعض أمور اعتيادية بسبب التلوث البصري والتلوث السمعي والفكري والمعنوي عند أولئك المنحرفون. ولذا من الفطنة أن من يصله أي مقطع فيديو أو صور بها مناظر من الرذيلة أو الاستخفاف بالمحرمات عبر أي تطبيق تواصل اجتماعي، أن يحذفه ولا يعيد إرساله للآخرين حتى إن كان المقطع في قالب كوميدي.

بحمد الله يتميز السواد الأعظم من أبناء المجتمع ورؤساء التحرير للقنوات العامة في معظم الدول الإسلامية بروح المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية وحسن رد الصنيع لأبناء المجتمع والإيمان بيوم القيامة وتجنب ما قد يجلب الانتهاك للحرمات. إلا أن ذلك لا يلغي القلق الأبوي نحو ذلك البعض من المراهقين الذين وقعوا أو سيقعون فريسة سائغة لبعض عوالم الإعلام الأسود المنتشر في فضاء الإنترنت. وندعو كما يدعو كل المخلصين أن يمتنع أولئك المُبتلون من اتباع تغريدات أو مقاطع التيك توك أو الانستجرام التي يعيدون إرسال ما يصنع محتواه بعض الأشرار لأنها تحبط العزيمة وتقتل التركيز وتفتت قوى الشباب وتعبث بالأخلاق وقد تنشر الرذيلة حتى لو كانت في قالب كوميدي.

نعلم كأبناء مجتمع واحد أن ما وصلنا إليه من مكتسبات في الانسجام والاندماج والتكامل والهدوء والاستقرار والنمو وقلة معدلات الجريمة والتعاضد هو بناء تم إطلاقه عبر الأسلاف والأجيال. ولكي يستمر بناء المجتمع في أمنه وأمانه وتماسكه وانسجامه وستره وعفافه وتعاضده فلا بد أن يساهم الجميع في تحصينه من كل المفاسد والرذائل حتى التي تكون بالإيماء أو عبر صور ومقاطع فيديو أو تطبيقات عابرة للقارات. ولكون العقلاء شاهدوا ما آلت إليه المجتمعات المتفككة من انحلال وسقوط أخلاقي وصعود في معدل الجرائم وانتشار السلب والنهب والرذيلة، وجب وجوب أخلاقي على أن يتناصح الجميع في تحصين وتعقيم المجتمع من أي سقطة هنا أو هناك.