آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

تحديات العام 2023: السياق الجديد «10»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

لنتذكر كيف غَيّرَ الإعلان عن“الرؤية السعودية 2030″، قبل نحو سبع سنوات وتحديداً في 25 أبريل 2016، السياق كاملاً؛ سياق ما بعد النفط. كثيرون أصابتهم الدهشة أو حتى عدم التصديق: هل بإمكاننا العيش بدون نفط؟ لتتضح الإجابة بأن الأمر ليس استبعاداً للنفط بل النظر إليه من ناحية أخرى، فهو ليس المورد النفيس الوحيد الذي نملك. وهذا ما لم يستوعبه - فيما يبدو - البعض - داخل وخارج المملكة - حتى الآن. ولهؤلاء، فقد تكفي الإشارة إلى أن دور النفط ليس مهدداً، بل النظر يتجه نحو تعظيم الاستفادة منه. وكذلك توسيع الاستفادة من بقية المزايا النسبية التي عددتها“الرؤية السعودية 2030″، لنأخذ العمق الحضاري، وقوة الاستثمار، والموقع الجغرافي، ولنلاحظ كيف أخذتنا“الرؤية”في سياق أخر، فمثلاً لطالما أدركنا أن موقعنا الجغرافي متميز لكنا لم نفعل الكثير لاستغلال ذلك الموقع!

ودولياً، لنعود قليلاً إلى الوراء لما قبل الإعلان عن الرؤية، حيث كان الحديث السائد هو: كيف ستتعايش المملكة مع تراجع إيرادات النفط، وما الذي بوسعها أن تتخذه من إجراءات. وكأن النفط هو خيارنا الوحيد! لكن مع انطلاق جولة ولي العهد آنئذٍ لدولٍ محورية، وتعدد الاجتماعات مع مفاصل اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي في تلك الدول، أخذت الصحف والمجلات الأكثر تأثيراً تدرك أن السعودية تعايش سياقاً جديداً، ليس سياسياً فقط بل اجتماعياً - اقتصادياً «socio-economic» أيضاً؛ فهناك من كتاب الرأي الغربيين من كان يُصرّ في البداية أن يُفسر التغييرات التي تمر بها السعودية باعتبارها سياسيةً محضة، ثم عدل موقفه إلى أنها تخضع لمعطيات الاقتصاد السياسي، ومع مرور الوقت بدأت تظهر لنا مقابلات ومقالات تكشف عن إدراك أن التغييرات الأهم هي لتحقيق مجموعة متماسكة من الأهداف الاستراتيجية تحدثت عنها الرؤية بوضوح، ووضعت برامجاً لتحقيقها، وبالفعل فقد أخذ العديد من الكُتاب يعيدون قراءة الرؤية وبرامجها ومبادراتها بتمعن أكبر ليفطنوا لما أقدمت وما تقدم عليه السعودية بإتباعها لخارطة طريقٍ تمتد حتى العام 2030، وكيف ستصبح السعودية عند اكتمال تلك المستهدفات.

لعل من المناسب القول إن ما عرضه الوفد الرسمي للمملكة رفيع المستوى في ملتقى دافوس العالمي، الذي اختتم أعماله قبل أيام، بمشاركة ما يزيد عن 2500 شخص من رؤساء الدول والشركات والصحافة العالمية من شتى بقاع الأرض من أساطين الاقتصاد والأعمال في العالم، يرسل رسائل تتعاضد لتبين أن السعودية تعايش سياقاً جديداً، يختلف نوعاً عما كان معهوداً“نفطٌ وعقود تسليح”، إلى سياقٍ يحمل معه فرصاً مذهلة للمملكة وللعالم، وأن المملكة تعايش انفتاحاً غير مسبوق، يتيح المجال واسعاً أمام تلك الشركات للتمعن في الفرص الاستثمارية المذهلة، فيما تتوالى الجهود لتحقيق رؤية ولي العهد لإعادة هيكلة الاقتصاد ولجلب ممكنات تحقيق الرؤية الطموحة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى