آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

التصدي للتحديات «3»: التنمية الاجتماعية المقترنة بالنمو الاقتصادي

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

وقت التنمية

مع تباشير تدفق النفط في الثلاثينيات من القرن الماضي كانت الأولوية هي لتنمية بلد شاسع المساحة يفتقر إلى الخدمات على تنوعها، فأخذ الانفاق الرأسمالي يتجه لإيجاد البنية التحتية الأساسية الضرورية للأنشطة الاجتماعية - الاقتصادية، بإنشاء شبكات طرق وتوفير التعليم والرعاية الصحية ضمن أمور أخرى. ثم في بداية السبعينيات برز توجه أكثر شمولاً، وَثّقتَه الخطة الخمسية الأولى للتنمية، مرتكزة أن التنمية المستدامة تتحقق بتنويع مصادر الدخل وزيادة فرص توظيف الموارد البشرية، واستمر هذا مطلباً مستقراً حتى الآن.

ولابد من بيان أن الاقتصاد السعودي، وعلى الرغم من تقلبات إيرادات النفط وما حاق بمنطقة الخليج العربي من حروب وتحديات“سممت”بيئة الاستثمار، إلا أنه حقق معدل نمو سنوي مركب في حدود 3,75 بالمائة للفترة 1970-2015، بالأسعار الثابتة، لكنه نمو لم يبرح معتمداً على النفط ولذا فقد شابه التذبذب هبوطاً وصعوداً، بما لا يواءم استقرار الاقتصاد. وكما هو معروف فإن الأولوية الأولى لأية سياسة اقتصادية هي الاستقرار، والتنوع الاقتصادي يعزز الاستقرار باعتبار أن نمو الاقتصاد يكون متعدد المشارب.

ويمكن النظر لرؤية المملكة 2030 على أنها رحلة لفك اعتماد الاقتصاد على النفط، والتي لا تعني قطيعةً بقدر ما تعني تنمية موارد اضافية إلى جانب النفط؛ حيث تناولت الرؤية مزايا نسبية، إضافة للنفط، حبا الله سبحانه بلادنا بها؛ وهي: العمق العربي والإسلامي، والطاقة الاستثمارية، والموقع بين ثلاث قارات. واستمدت الرؤية من كلٍ من هذه المزايا شعاعاً، تستجلب منه قوة كامنة، تترجم إلى برامج اجتماعية - اقتصادية تعود على المملكة بالخير.

وكما هو واضح فقد بذلت المملكة جهداً لإعادة الهيكلة عبر عدد من برامج تحقيق الرؤية ولاسيما برنامج التحول الوطني. وليس محل شك، أن الرؤية - كما كل رؤية - وضعت الإطار العام والخطوط العريضة والمستهدفات، لتتبعها استراتيجيات ومبادرات لها خطط تنفيذية.

ولابد من بيان أن المرتكزات الثلاث للرؤية «العمق العربي والإسلامي، والطاقة الاستثمارية، والربط بين ثلاث قارات» ليست فقط في المتناول، بل هي جزء من كينونتنا الراهنة، كل ما هو مطلوب - وهو ليس أمراً سهلاً - توظيف هذه المزايا النسبية توظيفاً حصيفاً لاستخراج الفرص لتضيف قيمة لاقتصادنا السعودية، وازدهاراً لمجتمعنا. ورغم التحديات المتعددة، وليس أقلها جائحة كورونا، فقد تمكنت المملكة من الحفاظ على توازن الاقتصاد واستقراره، والنجاح في تحقيق اختراقات عدة في قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والسياحة والترفيه على سبيل المثال لا الحصر.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى