آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:16 م

تنمية مناطقية أم اقتصاد مناطقي؟ «4»: بل اقتصاد مناطقي تنافسي

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

تأخذ رؤية المملكة 2030 منحى مختلف نوعاً لتحقيق التنمية المناطقية، وذلك من خلال التخلي عن النهج المركزي الذي كان معمول به سابقاً، إلى نهج يفوض مسؤوليات واسعة لتنمية المناطق لهيئات تطوير المناطق والمدن، ويخضع تلك الهيئات لأمرين رئيسين:

  • الحوكمة بتطبيق تنظيم يبين مهام واختصاصات
  • والاعتماد على تخطيط استراتيجي بعيد المدى يُقَرّ وعلى الهيئة تنفيذه.

أما مبرر اللامركزية فهو تنوع المزايا النسبية من منطقة إدارية لأخرى، مما يتطلب وضع استراتيجية لكل منطقة تنسجم مع قدرات والمزايا النسبية والسعة الاقتصادية للمنطقة، وبذلك تأخذ التنمية المناطقية بعداً اجتماعي - اقتصادي يطمح لتحقيق الاستدامة من خلال تعظيم دور القطاع الخاص من حيث الضخ الاستثماري وخلق الوظائف.

وأخذاً في الاعتبار أن المملكة تحتضن عدداً من المدن ذات مكانة دينية وتحديداً مكة المكرمة والمدينة المنورة فقد خصصت لكل منهما هيئة ملكية تختص بها، والعاصمة الرياض باعتبار أهميتها السياسية والاقتصادية، وكذلك بعض المدن التي تتمتع بمزايا يمكن توظيفها اقتصادياً مثل العُلا والأحساء وسواهما، فقد خصصت لكل منهما هيئة ملكية للتطوير.

ما الإطار الضابط لحراك تلك الهيئات فهو من الناحية الإدارية فهو مركز دعم تطوير هيئات المناطق، الذي يهدف المركز إلى النهوض بجميع الأعمال والخدمات والمشاريع التي تقوم بها هيئات التطوير والمكاتب الاستراتيجية، وذلك من خلال تقديم الدعم الشامل لأعمال التخطيط والتطوير في المجالات الحضرية، والديموغرافية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية والثقافية والبيئية والنقل والبنية التحتية الرقمية، بما يسهم في تمكين هيئات التطوير والمكاتب الاستراتيجية من القيام بأدوارها ومسؤولياتها.

أختم بالسؤال المحوري: تنمية مناطقية أم اقتصاد مناطقي؟ ترتكز التنمية المناطقية على التنمية الاجتماعية في الأساس، في حين يركز الاقتصاد المناطقي على دائرة أوسع هي تحقيق بالتوازي لهدفين متوازيين: التنمية الاجتماعية والنمو الاقتصادي، بتوظيف الميزة الاقتصادية للموقع الجغرافي والأنشطة البشرية ذات العائد الأعلى، التي تعزز للحد الأقصى النمو والازدهار في المنطقة.

وما يضيفه التطبيق الحصيف لاستراتيجية تقوم على مفاهيم الاقتصاد المناطقي هو توظيف المزايا المكانية لتعزيز نمو اقتصاد المنطقة، من خلال تحديد العوامل التي تحكم توزيع النشاط الاقتصادي مكانياً، دون تجاوز بأنه مع تغير هذا التوزيع، ستكون هناك تداعيات جوهرية لا يمكن إغفالها على الأفراد والمجتمعات في المناطق والاقتصاد الوطني ككل. فضلاً، عن أنه يفسح المجال للتنافس البناء بين المناطق بما يعزز الاقتصاد الوطني ككل تحقيقاً لرؤية 2030.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى