آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

الأحساء: واحة النخيل والطاقة والابداع.. هي واحةٌ لاقتصاد الرؤية «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

وفي تاريخ مملكتنا الاقتصادي، كان للأحساء دائماً دوراً اقتصادياً مميزاً، لم يبدأ مع اكتشاف النفط بل قبله بعقود مديدة، فقد ضمت الأحساء للدولة السعودية الأولى «العام 1794م» بعد ستة عقود من تأسيس الدولة السعودية «العام 1727م». مما يبرر القول أنه قبل النفط لم تك الأحساء واحة للنخيل فقط بل حاضنة اقتصادية تصنع كل ما يحتاجه مجتمعها والحواضر من حولها، وهي الأدوات والسلع التي نرمز لها الآن باعتبارها منتوجات تراثية وحرفية بما في ذلك صناعة السيوف وأدوات الزراعة والمنتوجات الغذائية فضلاً عن كون ميناء العجير تاريخياً نقطة الوصل لاستيراد وتصدير البضائع من الهند والصين والعراق وإيران وعُمان، وهو البوابة البحرية لمنطقة نجد منذ القِدَم.

ففيما عدا النفط، فمساهمة الأحساء في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة تقدر بأكثر من 400 مليار ريال، والاقتصاد المحلي لواحة النخيل والطاقة مرشح لأن يتضاعف على وقع“الرؤية السعودية 2030”مراتٍ عدة، بعد أن أحدثت المبادرات التنموية حراكاً اقتصادياً لا تخطئه العين؛ من تحديث وتوسعة للبنية التحتية إلى جهود تسعى حثيثاً لتنويع الاقتصاد ليرتكز على الصناعة التحويلية غير النفطية وصناعة الطاقة والخدمات اللوجستية والسياحة، إضافة لتعزيز الأنشطة القائمة تقليدياً مثل الزراعة والتجارة والخدمات عموماً. وقد تواتر ذلك في سياقات عدة، أبرزها ما أطلقه سمو ولي العهد: «1» هيئة تطوير الأحساء في مايو 2022 و«2» شركة داون تاون السعودية - إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة - بهدف إنشاء وتطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة وتطوير البنية التحتية لعدد من المدن السعودية ومنها الأحساء. وفي سياق النفط والغاز، «3» ما وجه به سموه من تخصيص إنتاج حقل الجافورة من الغاز وسوائله للقطاعات المحلية لمواكبة طموحات الرؤية، وأثنى سموه على جهود أرامكو السعودية باستثمار يصل إلى 110 مليار دولار لتطوير الحقل العملاق.

والأحساء - كما ندرك جميعاً - تتمتع بعمق حضاري وثقافي وتنوع في مصادر الثروة؛ حيث تلتقي في الأحساء عناصر البحر والصحراء والنخيل والمخزون من الهيدروكربونات. فوق ذلك والأهم منه، تزخر الأحساء بثروة بشرية مواطنة ذات إرث في توليد القيمة والإنتاج، ومتحرقة للمساهمة في بناء الوطن، وفي تحقيق الذات من خلال ما تنتجه وتساهم به في الاقتصاد الوطني. وبالقطع فإن استقطاب المزيد من الاستثمارات للأحساء يتطلب تحسيناً مستمراً في بيئة الاستثمار للحفاظ على تنافسيتها وتميزها، وأن الميزة التنافسية فلا تتحقق إلا من خلال تظافر الجهود - وبوتيرة مستمرة - ليعمل الجميع كفريق واحد يسعى لجعل استقطاب المزيد من الاستثمارات وتوليد فرص العمل القيمة لأهالي الأحساء هدفاً يسعى له الجميع فهو يجلب النمو للاقتصاد المحلي والرفاه والتنمية للسكان.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى