آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 8:31 ص

مِنّ الإنتاجية إلى الابتكار 2

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

هل الإنتاجية والابتكار متضادان؟ الإنتاجية تتطلب كفاءة عالية في الإنتاج لتعظيمه مما يتطلب هيكلية مستقرة، أما الابتكار فيتطلب مرونة تتيح التفكير خارج الصندوق، وقد يسفر هذا عن إنفاق موارد «مدخلات» دون أي مردود مباشر في المدى القصير.

ثمة تفاوت كبير في إنتاجية الدول، فمتوسط قيمة ما ينتجه العامل في أيسلندا يعادل «128 دولار لساعة العمل» 300 بالمائة من قيمة ما ينتجه نظيره في كوريا «43 دولار للساعة» وستة أضعاف نظيره في جنوب أفريقيا «21 دولار للساعة»، فما علاج تدني الإنتاجية؟ هناك من سيقول التعليم، وآخر سيقول الافتقاد للحوافز وللقيادة. كلنا يعلم أن التعليم هو الأساس، وجودته هي العلامة التي تفرق بين أمة وأخرى، وبين اقتصاد وآخر، بل ليس من المبالغة القول إن التعليم هو الذي يجعل التحول للإنتاجية والتنافسية ممكناً، ولطالما تحدثنا بإعجاب جم عن معجزات اقتصادية أحدثتها دول لا تمتلك موارداً طبيعية، لكنها تمتلك مورداً شائعاً في كل الدول، ألا وهو المورد البشري. دولٌ لديها كثرة من البشر وهي تعتبرهم عبأً؛ يعانون من الفقر والمرض والجهل، وبالمقابل ثمة دول لديها كثرة من البشر وهي تعتبرهم ينبوعاً للثروة والإنتاج والتنافسية والابداع والابتكار وتوليد الكثير والكثير من القيمة المضافة اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً. إذاً هي نظرة متفاوتة من قبل الدول؛ مصدر تكلفة أو مصدر لتوليد القيمة.

لعل من المقبول القول، أن تحقيقنا لقفزاتٍ، «أي معدلات نمو عالية متتابعة ومتصاعدة» في الإنتاجية هو متطلب أساسي لتحقيق تطلعات“رؤية 2030″، ومبررات ذلك القول بديهية، وهي أننا نتحول من الريع للإنتاج، وذلك يتطلب أن نكون أعلى انتاجيةً ممن ننافسهم أو ينافسوننا، وإلا كيف سنتمكن إنتاج سلع وخدمات بأسعار أقل أو جودة أفضل أو كلاهما؟! وقفزات الإنتاجية تأتي من عدة مصادر، أولها احتضان ورعاية الرأس المال البشري، فهو الذي يبتكر ويبدع ثم يُنتج، ومن خلال ذلك يمنح الاقتصاد المحلي تفرداً يعزز القدرة التنافسية، وإلا فإن استقطاب ابتكارات الآخرين متاح لكنه مكلف، وفضلاً عن التكلفة فقد يكون متاحاً للعديد من الدول كذلك.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى